التأهل الخامس للمنتخب الوطني .. حقائق وأرقام تكتب التاريخ نحو مونديال 2026

بعد ليلة تاريخية على ملعب ميلود هدفي بوهران، حسم المنتخب الجزائري بطاقة التأهل الرسمي إلى كأس العالم 2026، ليُضيف فصلاً جديداً مشرقاً إلى سجله الحافل. هذا التأهل الخامس في تاريخ الخضر يحمل الكثير من الحقائق والأرقام المذهلة التي تستحق التوقف والتحليل، من جغرافية التأهلات إلى الأرقام القياسية الفردية والجماعية.

واحدة من أجمل الحقائق التي تُزيّن تاريخ التأهلات الجزائرية للمونديال هي التنوع الجغرافي للمدن التي شهدت لحظات الحسم التاريخية. الجزائر تأهلت إلى كأس العالم للمرة الخامسة من 5 مدن مختلفة على امتداد التراب الوطني:

  1. قسنطينة – شهدت التأهل الأول في تاريخ الجزائر
  2. الجزائر العاصمة – عاصمة البلاد احتضنت لحظة تأهل تاريخية
  3. أم درمان (السودان) – التأهل الوحيد خارج الأرض الجزائرية
  4. البليدة – مدينة الورود احتفلت بتأهل الخضر
  5. وهران – الباهية تكتب أحدث فصول المجد الكروي الجزائري

هذا التنوع يعكس أن الفرحة الوطنية بالتأهل للمونديال لم تكن حكراً على مدينة بعينها، بل توزعت على مختلف أقاليم الوطن، من الشرق إلى الغرب، مروراً بالوسط، وحتى خارج الحدود. كل مدينة من هذه المدن الخمس تحتفظ في ذاكرتها الجماعية بليلة مجيدة لن تُنسى.

منذ أول مشاركة جزائرية في تصفيات كأس العالم، خاض المنتخب الوطني 106 مباريات في مختلف الحملات التأهيلية، محققاً خلالها:

  • 51 فوزاً – نسبة انتصارات تقارب 48%
  • 27 تعادلاً – نسبة 25.5%
  • 28 هزيمة – نسبة 26.5%

هذه الأرقام تضع الجزائر في خانة المنتخبات المتوازنة، التي تحقق انتصارات أكثر من الخسائر والتعادلات مجتمعة. الـ51 انتصاراً تعني أن المنتخب الوطني فاز في تقريباً نصف مبارياته التصفيوية، وهو معدل جيد جداً على مدار عقود من المنافسات.

على الصعيد الهجومي، سجلت شباك المنافسين 176 هدفاً بمعدل 1.66 هدف لكل مباراة، بينما استقبلت شباك الخضر 105 أهداف بمعدل 0.99 هدف لكل مباراة. فارق الأهداف الإيجابي (+71) يعكس تفوقاً هجومياً واضحاً على مر التاريخ، وقدرة على التسجيل أكبر من القابلية لاستقبال الأهداف.

واجه المنتخب الجزائري في مسيرته التصفيوية 33 منتخباً أفريقياً مختلفاً، محققاً إنجازاً لافتاً: الفوز على 31 منتخباً منها. المنتخبان الوحيدان اللذان لم تتمكن الجزائر من الفوز عليهما هما الغابون والمغرب، مع العلم أن الجزائر واجهت كلاً منهما في مباراتين فقط عبر التاريخ التصفيوي.

الأبرز من ذلك، أن الجزائر تفادت الهزيمة أمام 16 منتخباً من أصل 33، أي أنها لم تخسر أبداً أمام نصف المنتخبات التي واجهتها تقريباً. هذا السجل يعكس قوة وثباتاً ملحوظين، خاصة في المواجهات المباشرة.

  • نيجيريا: أكثر منتخب واجهته الجزائر في التصفيات (8 مباريات)، وهو أيضاً أكثر منتخب فاز على الخضر (4 مرات). العلاقة الكروية بين المنتخبين تاريخية ومليئة بالمواجهات الدرامية.
  • مصر: ثاني أكثر المنتخبات مواجهة للجزائر (7 مباريات)، مع تاريخ حافل من الديربيات المغاربية-المشرقية.
  • النيجر: أكثر منتخب فازت عليه الجزائر في التصفيات (5 مرات)، مما يجعل المواجهات مع الجار الجنوبي غالباً ما تكون إيجابية للخضر.

من الحقائق المؤثرة في هذا التأهل أن فقط عيسى ماندي من التعداد الحالي كان قد سبق له الاحتفال بالتأهل إلى كأس العالم (دون أن يشارك في المباراة الحاسمة أمام بوركينا فاسو عام 2013)، بينما التحق رياض محرز بالمنتخب قبل كأس العالم 2014 في ودية أرمينيا، ولم يشارك في التصفيات.

هذا يعني أن معظم لاعبي التشكيلة الحالية يعيشون تجربة التأهل للمونديال للمرة الأولى في حياتهم الكروية. هذا الجيل الجديد، بقيادة نجوم مثل عمورة، حسم البطاقة المونديالية بجدارة، ليصنع ذكرياته الخاصة التي سيرويها للأجيال القادمة.

خلال حملة التصفيات الكاملة (9 مباريات)، شارك 33 لاعباً مختلفاً في صفوف المنتخب الوطني، لكن فقط عيسى ماندي ومحمد عمورة شاركا في كل المباريات التسع (9/9)، منها 7 مع بيتكوفيتش و2 مع بلماضي.

هذا الثبات يعكس أهمية اللاعبين الحاسمة بالنسبة للجهاز الفني، وقدرتهما على الحفاظ على اللياقة والجاهزية طوال الحملة. ماندي كقائد دفاعي وصخرة في القلب، وعمورة كسلاح هجومي فتّاك، شكّلا العمودين الأساسيين اللذين ارتكز عليهما المنتخب في مسيرته التأهيلية.

بعد 17 مباراة على رأس الجهاز الفني، وصلت حصيلة فلاديمير بيتكوفيتش إلى:

  • 12 فوزاً – نسبة 70.6%
  • 3 تعادلات – نسبة 17.6%
  • هزيمتان – نسبة 11.8%

في المباريات الرسمية فقط (13 مباراة)، حقق 10 انتصارات، تعادلين وهزيمة واحدة، وهي نسبة نجاح استثنائية تقارب 77% في المنافسات الرسمية.

سجل المنتخب معه 44 هدفاً (بمعدل 2.59 لكل مباراة)، واستقبل 17 هدفاً (بمعدل 1 لكل مباراة). هذه الأرقام تضع بيتكوفيتش ضمن أنجح المدربين الذين قادوا المنتخب الجزائري، خاصة في المنافسات الحاسمة.

رفع محمد عمورة رصيده إلى 16 هدفاً دولياً، منها 9 أهداف و3 تمريرات حاسمة في آخر 7 مباريات فقط، وهو إنجاز يعكس الفورمة المذهلة التي يعيشها “El Goleador”.

الأهم من ذلك، عادل عمورة رقم إسلام سليماني كأكثر لاعب يسجل في تصفيات واحدة لكأس العالم بـ8 أهداف، محتلاً المركز الثاني في ترتيب هدافي التصفيات الأفريقية الحالية بعد محمد صلاح. هذا الإنجاز في سن 24 عاماً يفتح أمامه آفاقاً واسعة لتحطيم المزيد من الأرقام القياسية.

بعد أهداف عمورة ومحرز في مباراة الصومال، أصبح ترتيب هدافي المنتخب الجزائري في تصفيات كأس العالم على النحو التالي:

  1. إسلام سليماني – 18 هدفاً (الهداف التاريخي)
  2. رابح ماجر – 9 أهداف
  3. عبد المالك مناد – 8 أهداف
  4. محمد عمورة – 8 أهداف (عادل مناد)
  5. رياض محرز – 7 أهداف
  6. سلمان تاسفاوت – 7 أهداف

عمورة بات على بُعد هدف واحد فقط من تجاوز ماجر الأسطوري، وعلى بُعد 11 هدفاً من معادلة الرقم القياسي لسليماني. مع الوتيرة التي يسجل بها، قد نشهد قريباً تتويج عمورة كأفضل هداف تاريخي في تصفيات المونديال.

وصل رياض محرز إلى الهدف الدولي رقم 33 والتمريرة الحاسمة رقم 36 (69 مساهمة في 106 مباريات دولية)، وهي أرقام تؤكد أنه أحد أعظم صنّاع اللعب في تاريخ الكرة الجزائرية.

الأهم أن محرز جدد العهد مع الشباك بعد صيام دام 6 مباريات (منذ مباراة ليبيريا في تيزي وزو)، وسجل في تصفيات المونديال للمرة الأولى منذ هدفه أمام بوركينا فاسو في البليدة (بعد 8 مباريات).

عودة قائد المنتخب للتسجيل في الوقت المناسب تماماً (مباراة التأهل) تحمل رمزية كبيرة، وتؤكد أن النجوم الكبار يظهرون دائماً في اللحظات الحاسمة. هدف محرز لم يكن مجرد رقم في السجلات، بل كان ختماً على ليلة تاريخية ومساهمة حقيقية في حسم التأهل.

الأرقام والحقائق المذكورة أعلاه ليست مجرد إحصائيات جامدة، بل هي قصة نجاح حقيقية كُتبت على مدار عقود من العمل والتضحيات. من قسنطينة إلى وهران، مروراً بالجزائر والبليدة وحتى أم درمان، رسمت الجزائر طريقها نحو المونديال بثبات وإصرار.

51 انتصاراً في 106 مباريات، 176 هدفاً، الفوز على 31 منتخباً أفريقياً، جيل جديد يصنع التاريخ، عمورة يُعادل سليماني، محرز يكسر الصيام، وبيتكوفيتش يُثبت نجاحه… كلها فصول من ملحمة جميلة توّجت بالتأهل الخامس للمونديال.