تعيشت الأوساط الرياضية على وقع جدل جديد بعد قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تعيين رئيس الاتحاد المالي لكرة القدم ماموتو توري في لجنة تطوير كرة القدم العالمية، وسط تساؤلات حول معايير الاختيار والشفافية في هذه التعيينات.
خلفية القضية والسوابق القضائية
ماموتو توري، المعروف باسم “بافيو”، قضى أكثر من 622 يوماً في السجن بتهم تتعلق باختلاس أموال عامة خلال فترة عمله كمدير للخدمة الإدارية والمالية للجمعية الوطنية المالية. وبحسب المصادر، فإن التهم الموجهة إليه تشمل “الإضرار بالممتلكات العامة والتزوير واستعمال التزوير والتواطؤ”، مع اتهامه باختلاس مبلغ يقدر بـ17 مليار فرنك أفريقي.
الإفراج المؤقت والعودة للمناصب
أُطلق سراح توري في أبريل 2025 بشكل مؤقت، ليعود في أغسطس التالي للترشح لرئاسة الاتحاد المالي لكرة القدم وفوزه بالانتخابات بأغلبية 61 صوتاً مقابل صوت واحد ضد وامتناع واحد عن التصويت. هذا الفوز تم تحت إشراف ممثلين من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) والفيفا.
موقع توري في الهيكل التنظيمي للفيفا
توري ليس مجرد رئيس للاتحاد المالي، بل هو أيضاً عضو في مجلس الفيفا منذ انتخابه بالتزكية خلال الاجتماع العام للاتحاد الإفريقي في الرباط في مارس 2021. هذا المنصب يمنحه صلاحيات واسعة في صنع القرارات الأساسية للاتحاد الدولي، بما في ذلك تحديد الدول المنظمة للبطولات وتوزيع الدخل.
سياسة الفيفا تجاه التدخل الحكومي
من المفارقات أن الفيفا أوقف الاتحاد المالي لكرة القدم في يناير 2024 بسبب “التدخل الحكومي” عندما قررت الحكومة المالية حل اللجنة التنفيذية وتعيين لجنة مؤقتة. هذا الموقف الصارم من الفيفا ضد التدخل الحكومي يتناقض مع موقفها المرن تجاه القضايا القضائية لبعض مسؤوليها.
التساؤلات المشروعة حول معايير الاختيار
تُثير حالة توري تساؤلات مهمة حول معايير الفيفا في اختيار أعضاء لجانها المهمة. هل تكفي الإجراءات القانونية الداخلية، أم يجب على الفيفا تطبيق معايير أخلاقية أكثر صرامة؟ وما مدى تأثير هذه التعيينات على سمعة الاتحاد الدولي الذي يسعى لتطهير نفسه من فضائح الفساد السابقة؟
رد فعل الأوساط الأوروبية
تشير بعض المصادر إلى أن هناك انتقادات أوروبية متزايدة لسياسة الرئيس جياني إنفانتينو، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع قضايا الفساد والشفافية. هذا النقد يأتي في سياق توترات أوسع بين الاتحاد الأوروبي (يويفا) والفيفا حول عدة ملفات، بما في ذلك توزيع الأدوار والنفوذ في الحوكمة العالمية لكرة القدم.
تستدعي هذه القضية مراجعة شاملة لآليات الفيفا في اختيار وتعيين المسؤولين في مناصبها الحساسة. فبينما يحق لكل شخص الاستفادة من قرينة البراءة حتى ثبوت إدانته نهائياً، إلا أن المناصب الرياضية الدولية تتطلب معايير أخلاقية ومهنية عالية تتجاوز المعايير القانونية الأساسية.
من الواضح أن الفيفا بحاجة لوضع ضوابط أكثر صرامة وشفافية في عمليات الاختيار والتعيين، بما يضمن الحفاظ على سمعة كرة القدم العالمية ويعزز الثقة في مؤسساتها الحاكمة. هذا الأمر ضروري ليس فقط لاستعادة المصداقية، بل أيضاً لضمان التطوير الصحيح والعادل للعبة على مستوى العالم.


