في مساء مشهود على أرضية ملعب نيلسون مانديلا، حقق اتحاد العاصمة فوزاً تاريخياً على غريمه شباب بلوزداد بنتيجة 2-0 في نهائي كأس الجمهورية 2025، ليضع نهاية لهيمنة الأخير على هذه البطولة العريقة ويعيد التوازن إلى خريطة الألقاب في الكرة الجزائرية.
الهدفان اللذان حملا توقيع بن عياد وخالدي، لم يكونا مجرد إصابتين في شباك الخصم، بل كانا بمثابة إعلان رسمي عن عودة اتحاد العاصمة إلى عرش الكؤوس المحلية بعد انتظار طويل، وتحقيق حلم الجماهير الحمراء التي ملأت المدرجات بأعلامها وهتافاتها المدوية.
عودة التوازن: تعادل تاريخي بتسعة ألقاب لكل فريق
بهذا الإنجاز، يرفع اتحاد العاصمة رصيده إلى تسعة ألقاب في كأس الجمهورية، معادلاً بذلك الرقم القياسي لشباب بلوزداد الذي ظل متفرداً في القمة. شباب بلوزداد كان قد حقق لقبه التاسع الموسم الماضي عندما فاز على مولودية الجزائر 1-0 في نهائي النسخة الـ57، ليصبح حامل الرقم القياسي منفرداً قبل أن يعيد اتحاد العاصمة التوازن اليوم.
هذا التعادل في عدد الألقاب يعكس حقيقة التنافس الشرس بين أقطاب العاصمة الجزائرية، ويؤكد أن المعركة على الصدارة التاريخية لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات. الفريقان يتقاسمان الآن لقب “الأكثر تتويجاً” بكأس الجمهورية، في صورة تعكس التوازن الكروي والجماهيري بين العملاقين.
النهضة الذهبية: أربعة ألقاب في ست سنوات
ما حققه اتحاد العاصمة اليوم يُعد جزءاً من نهضة كروية حقيقية بدأت منذ عام 2019. الفريق الأحمر حقق أربعة ألقاب منذ تلك الفترة، مما يجعله الأكثر تتويجاً في هذه المسابقة خلال السنوات الأخيرة. هذا الإنجاز يؤكد أن اتحاد العاصمة دخل مرحلة ذهبية جديدة، حيث تمكن من إعادة ترتيب أولوياته وبناء فريق قادر على المنافسة على أعلى المستويات.

الألقاب الأربعة في ست سنوات تُظهر الاستقرار والتطور المستمر في مشروع النادي، وتعكس نجاح الإدارة في وضع استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى استعادة الألق التاريخي للفريق. هذا الإنجاز يضع اتحاد العاصمة في موقع متقدم للمنافسة على المزيد من الألقاب في المستقبل.
بطولة النسخة الـ58: درب طويل نحو المجد
النسخة الـ58 من مسابقة كأس الجزائر شهدت منافسة شرسة ومثيرة من الأدوار الأولى حتى النهائي. اتحاد العاصمة اضطر لخوض معارك صعبة للوصول إلى النهائي، حيث تجاوز عدة منافسين أقوياء بأداء متميز أظهر جاهزية الفريق للمنافسة على اللقب.
من جهة أخرى، دخل شباب بلوزداد المباراة بصفته حامل اللقب والفريق الأوفر حظاً لتحقيق الفوز، خاصة بعد أدائه القوي في المواسم الأخيرة. لكن كرة القدم أثبتت مرة أخرى أن النتائج لا تُحدد مسبقاً، وأن الفريق الأفضل في يوم المباراة هو من يستحق اللقب.
أبطال النهائي: بن عياد وخالدي يكتبان التاريخ
اللاعبان بن عياد وخالدي سيبقيان محفورين في ذاكرة جماهير اتحاد العاصمة كأبطال هذا النهائي التاريخي. الهدف الأول والثاني اللذان سجلاهما لم يكونا مجرد إصابات عادية، بل كانا بمثابة تذاكر العبور نحو المجد والانتصار في واحدة من أهم المباريات في تاريخ النادي.
أداء اللاعبين في هذا النهائي يعكس مستوى الإعداد الجيد والتحضير النفسي السليم الذي خضع له الفريق. الثقة والتصميم اللذان أظهرهما جميع اللاعبين في الملعب كانا عاملين حاسمين في تحقيق هذا الإنجاز المهم.
الجماهير الحمراء: عاشر اللاعبين في الملعب
لعبت الجماهير الحمراء دوراً مهماً في هذا الإنجاز، حيث حضرت بكثافة كبيرة وقدمت دعماً لافتاً للفريق طوال المباراة. الهتافات والأغاني التي دوت في أرجاء الملعب كانت بمثابة وقود إضافي للاعبين، ومصدر إلهام حقيقي لتقديم أفضل ما لديهم.
هذا الحضور الجماهيري الكبير يؤكد عمق الانتماء والولاء الذي يكنه مشجعو اتحاد العاصمة لناديهم، ويُظهر أن هذا الفوز لم يكن مجرد انتصار للفريق فحسب، بل كان احتفالاً شعبياً حقيقياً بالعودة إلى منصات التتويج.
شباب بلوزداد: خيبة أمل في نهائي مؤلم
على الضفة الأخرى، تلقى شباب بلوزداد صدمة قاسية بخسارة هذا النهائي المهم. الفريق الذي دخل المباراة بطموح الاحتفاظ باللقب وتحقيق الفوز العاشر، وجد نفسه أمام خصم قوي ومستعد لخطف الكأس من بين يديه.

هذه الخسارة ستكون بمثابة درس مهم للفريق، ودافع قوي للعودة أقوى في المواسم القادمة. شباب بلوزداد يبقى من أقوى الفرق في الجزائر، ولديه كل الإمكانيات للعودة إلى المنصات في المستقبل القريب.
معركة الألقاب تتجدد
بهذا التعادل التاريخي في عدد الألقاب، تدخل المنافسة بين العملاقين مرحلة جديدة من الإثارة والتشويق. كل فريق سيسعى في المواسم القادمة لكسر التعادل وتحقيق اللقب العاشر الذي سيمنحه التفوق التاريخي على غريمه.
هذا التنافس الشرس سيكون له انعكاس إيجابي على مستوى الكرة الجزائرية عموماً، حيث سيدفع الفريقين لتطوير إمكانياتهما وتعزيز قدراتهما للمنافسة على أعلى المستويات. كما أن هذا التنافس سيزيد من جاذبية البطولة وإثارة الجماهير في المواسم القادمة.

نهائي كأس الجمهورية 2025 سيبقى محفوراً في الذاكرة الجماعية للكرة الجزائرية كيوم تاريخي شهد عودة التوازن إلى خريطة الألقاب. اتحاد العاصمة استطاع أن يُثبت جدارته وقدرته على المنافسة، بينما شباب بلوزداد تلقى درساً في أن الألقاب لا تُورث وأن كل مباراة هي قصة جديدة.
هذا الإنجاز يؤكد أن الكرة الجزائرية تعيش حالة من التنافس الصحي والإيجابي، وأن المستقبل يحمل الكثير من الإثارة والتشويق لجماهير هذه الرياضة الشعبية في بلاد المليون شهيد.


