رابطة أبطال إفريقيا: زووم على الاتحاد المنستيري التونسي.. منافس شبيبة القبائل في الدور التمهيدي الثاني

مع اقتراب مباراة الدور التمهيدي الثاني في رابطة أبطال إفريقيا 2025، يستعد نادي شبيبة القبائل الجزائري لمواجهة الاتحاد الرياضي المنستيري التونسي، في لقاء يُعدّ اختباراً حقيقياً لـ”الكناري” الذين تأهلوا على حساب غولد ستارز الغاني بنتيجة 3-0 في مجموع المباراتين، دون أن تهتز شباكهم. من جهته، عبر الاتحاد المنستيري بسهولة أمام النادي السيراليوني بنتيجة 5-1 في مجموع المباراتين، مسجلاً 7 أهداف، نفس حصيلة الشبيبة، لكنه تلقى هدفاً في مباراة الذهاب. هذه المواجهة، التي ستقام مباراة الذهاب فيها بملعب 1 نوفمبر 1954 بتيزي وزو يوم 12 أكتوبر 2025، تُمثل تحدياً تكتيكياً كبيراً للشبيبة، خاصة أمام فريق تونسي منظم يعتمد على سرعة جناحيه وتنظيمه الدفاعي، بقيادة المدرب الخبير منتصر الوحيشي. في هذا التقرير، نُسلط الضوء على الاتحاد المنستيري، من تاريخه وتكتيكاته إلى نجومه، مع تحليل مفصل لنقاط قوته وضعفه، وكيف يمكن لشبيبة القبائل استغلال الفرص لتأمين التأهل إلى دور المجموعات.

تأسس الاتحاد الرياضي المنستيري عام 1923 في مدينة المنستير، إحدى أجمل المدن الساحلية التونسية، ويُعدّ أحد الأندية التاريخية في الكرة التونسية، رغم أن إنجازاته المحلية محدودة مقارنةً بعمالقة مثل الترجي والنجم الساحلي.

يلعب الفريق مبارياته على ملعب الطيب المهيري في صفاقس أو ملعب مصطفى بن جنات بالمنستير، الذي يتسع لنحو 15 ألف متفرج، ويُعرف بأجوائه الحماسية. في رصيده، فاز الاتحاد بكأس تونس عام 2020، وكأس السوبر التونسي في نفس العام، مما أهله للعودة إلى المسابقات القارية بعد غياب طويل.

تحت قيادة المدرب منتصر الوحيشي (51 عاماً)، الذي تولى المهمة في 2024 بعد تجارب ناجحة مع أندية مثل قفصة وبنزرت والنادي الإفريقي، إلى جانب فترة مؤقتة كمدرب للمنتخب التونسي في نفس العام، يسعى الاتحاد لإثبات نفسه قارياً.

mns

بميزانية تقدر بحوالي 2 مليون دينار تونسي، قام النادي بانتداب 13 لاعباً خلال الميركاتو الصيفي 2025، بما في ذلك 7 أجانب، مما عزز صفوفه بشكل كبير، خاصة مع انضمام الدولي التونسي فخر الدين بن يوسف، والمدافع الإيفواري زيغي، وقلب الهجوم المالي غادياغا، مما يجعل الفريق مزيجاً من الخبرة والشباب.

يعتمد الاتحاد المنستيري تحت قيادة الوحيشي على خطة 4-2-3-1، التي تتيح له المرونة في التحول بين الهجوم والدفاع، مع التركيز على سرعة الجناحين وتنظيم خط الوسط. هذا الأسلوب، الذي أثبت فعاليته في الدور التمهيدي الأول بتسجيل 7 أهداف أمام النادي السيراليوني، يعتمد على:

  • الهجوم: الجناح التونسي مالكوم لحميدي يُعدّ العنصر الأخطر، بفضل سرعته الفائقة وقدرته على قيادة التحولات الهجومية، رغم نقص فعاليته أمام المرمى (سجل هدفين فقط هذا الموسم). يدعمه فخر الدين بن يوسف، المنضم حديثاً، الذي يمتلك خبرة دولية مع المنتخب التونسي (55 مباراة، 6 أهداف)، وياسين العمري والدريدي في الرواقين، بينما يشغل المالي غادياغا مركز قلب الهجوم، مستفيداً من قوته البدنية وتسجيله 4 أهداف في الدوري التونسي هذا الموسم.
  • خط الوسط: معز الحاج علي هو “المايسترو” وضابط الإيقاع، يتميز برؤية هجومية مميزة ودقة في التمريرات الطويلة (نسبة دقة 85%)، مدعوماً بالحرزي وسيديبي وموزيس وبوديان، الذين يفرضون إيقاعاً بدنياً قوياً ويتركون مساحات قليلة بين الخطوط، مما يجعل خط الوسط صلباً ومنظماً.
  • الدفاع: ثنائي المحور زيغي (الإيفواري) وشيخاوي قوي في الكرات الهوائية ويساند هجومياً في الكرات الثابتة، لكنهما يعانيان من بطء في التحرك أحياناً، مما قد يُعرضهما للكرات السريعة. اللاعب الجزائري سامي بوعلي، المدافع متعدد الاستخدامات، يُضيف عمقاً للخط الخلفي، لكنه لم يُشارك أساسياً بعد في المسابقات القارية.
  • الحارس: الحارس حلاوي، أحد أفضل حراس تونس، يتمتع بسمعة قوية في الدوري المحلي، لكنه يعاني من تواضع في التعامل مع الكرات الثابتة، كما أظهر خطأً فادحاً في مباراة السيراليوني (3-1)، حيث سمح بهدف بسبب سوء تقدير الكرة العرضية.

تكتيكياً، لا يغير الاتحاد طريقته كثيراً، حيث يعتمد على إيقاع بدني قوي، تنظيم دفاعي جيد، وتحولات سريعة في الرواقين، مما يجعله فريقاً صلباً لكنه عرضة للضغط العالي إذا استُهدفت نقاط ضعفه، خاصة في الكرات الثابتة والبناء من الخلف.

يتمحور أداء الاتحاد حول عدد من اللاعبين المؤثرين:

  • مالكوم لحميدي (جناح أيسر): النجم الأبرز بسرعته الفائقة ومهاراته الفردية، يُشكل تهديداً مستمراً في الرواق الأيسر، حيث يتفوق في الصراعات الفردية بنسبة نجاح 70%، لكنه يفتقر إلى الدقة في التسديد (معدل تحويل 15% فقط).
  • معز الحاج علي (وسط هجومي): “المايسترو” الذي يدير اللعب برؤية استثنائية، يُسجل ويُصنع (3 أهداف و4 تمريرات حاسمة هذا الموسم)، ويُعدّ العقل المدبر في بناء الهجمات.
  • فخر الدين بن يوسف (جناح أيمن): انضم مؤخراً ليعزز الخيارات الهجومية، بخبرته الدولية وقدرته على التسجيل من مسافات بعيدة (سجل هدفاً في مباراة السيراليون).
  • غادياغا (قلب هجوم): المالي القوي بدنياً يُشكل نقطة ارتكاز هجومية، بقدرته على الاحتفاظ بالكرة وتسجيل الأهداف الرأسية.
  • زيغي (مدافع محوري): قائد الدفاع الإيفواري، صلب في الصراعات الهوائية، لكنه بطيء أحياناً أمام المهاجمين السريعين.

نقاط القوة للاتحاد المنستيري تشمل تنظيمه التكتيكي، سرعة جناحيه، وقوة خط الوسط بقيادة الحاج علي، إلى جانب جودة اللاعبين الأجانب مثل زيغي وغادياغا. لكنه يعاني من ضعف واضح في التعامل مع الكرات الثابتة، خاصة من حارسه حلاوي، وبطء في بناء الهجمات من الخلف، مما يجعله عرضة للضغط العالي. كما أن دفاعه، رغم قوته الهوائية، يعاني من ثغرات أمام التحركات السريعة بين الخطوط، وهو ما يمكن لشبيبة القبائل، بقيادة نجوم مثل يوسف بليلي ومهدي دورفال، استغلاله عبر التمريرات القصيرة والضغط المبكر.

على الورق، تملك شبيبة القبائل أفضلية نسبية بفضل قوتها الجماهيرية في تيزي وزو، وسجلها النظيف في الدور التمهيدي (3-0 دون أهداف عكسية)، مقارنة بالاتحاد الذي تلقى هدفاً. لكن الفريق التونسي، بأسلحته الهجومية وتنظيمه الدفاعي، يُشكل تحدياً حقيقياً، خاصة مع سرعة لحميدي وخبرة بن يوسف. يجب على مدرب الشبيبة، زينباور، التركيز على استغلال الكرات الثابتة، والضغط على الحارس حلاوي، مع الحد من تأثير الحاج علي في الوسط. إذا نجحت الشبيبة في فرض إيقاعها الهجومي واستغلال الثغرات الدفاعية، فإنها المرشحة الأبرز للعبور، لكن أي استهتار قد يكلفها غالياً أمام فريق منظم وطموح.

في الختام، يُمثل الاتحاد المنستيري تحدياً تكتيكياً وفنياً لشبيبة القبائل في الدور التمهيدي الثاني لرابطة أبطال إفريقيا، بفضل سرعة جناحيه، تنظيمه الدفاعي، ونجومه مثل لحميدي والحاج علي وبن يوسف. لكن نقاط ضعفه، خاصة في الكرات الثابتة وبطء البناء، تُعطي “الكناري” فرصة للتألق في تيزي وزو، شريطة استغلال الفرص واللعب بتركيز عالٍ. مع الجماهير الجزائرية خلف الشبيبة، تبقى المواجهة بوابة لإثبات الجاهزية القارية، والطريق إلى دور المجموعات يمر عبر التغلب على هذا العدو التونسي القوي.