إيتو يُحرك خيوط اللعبة على رأس لجنة التحكيم بالكاف

تشهد أروقة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) حراكاً استراتيجياً مكثفاً، إذ نجح الحكم الدولي السابق الكاميروني سيدي أليوم في الوصول إلى منصب رئيس لجنة التحكيم بالكاف، في خطوة تعكس التأثير المتزايد لصامويل إيتو في القرارات المؤثرة داخل الكونفدرالية الأفريقية.

منذ انتخابه عضواً في اللجنة التنفيذية للكاف في مارس 2025، ثم تعيينه لاحقاً رئيساً للجنة الفنية بالاتحاد الأفريقي في أبريل 2025، بات صامويل إيتو اللاعب الأكثر تأثيراً في رسم السياسات الكروية الأفريقية. وتأتي هذه التعيينات رغم المعارضة الأولية من قيادة الكاف، التي رفضت في البداية ترشحه بسبب اعتبارات أخلاقية.

استطاع إيتو، رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، أن يقلب الطاولة عبر اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية (تاس) التي أكدت أحقيته في الترشح. هذا الانتصار القانوني لم يكن مجرد فوز شخصي، بل نقطة تحول أتاحت له بناء شبكة نفوذ قوية داخل الاتحاد الأفريقي.

يُعتبر الحكم الدولي السابق سيدي أليوم، المولود في 17 يوليو 1982 بمدينة مروا، من أبرز الحكام الأفارقة في التاريخ الحديث. حكم نهائي كأس الأمم الأفريقية 2019 بين السنغال والجزائر، وشارك في تحكيم ست بطولات عالمية وثماني بطولات أفريقية. كما يشغل حالياً منصب رئيس جمعية حكام الكاميرون.

تميز علوم بخبرته الواسعة في التحكيم الدولي منذ عام 2008، ونال احترام الأوساط الكروية الأفريقية بفضل حكمه العادل ومهنيته العالية. وقد ساهم في تحكيم مباريات حساسة في بطولة كأس الأمم الأفريقية مصر 2019، حيث أدار مباراة الافتتاح بين مصر وزيمبابوي، ولقاء كوت ديفوار والمغرب في دور المجموعات، وقبل نصف النهائي بين تونس ومدغشقر.

يأتي تعيين سيدي علوم في سياق مشروع إصلاح شامل للتحكيم الأفريقي، خاصة بعد إقالة الإيفواري نومانديز ديزيري دوي من منصب مدير لجنة الحكام. وتشير التقارير إلى أن الكاف يدرس إمكانية الاستعانة بحكام أجانب من أوروبا وأمريكا الجنوبية في بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 بالمغرب.

هذا التوجه الجديد يعكس استجابة مباشرة للانتقادات المتزايدة حول مستوى التحكيم الأفريقي في البطولات القارية الأخيرة. وقد عبرت عدة اتحادات أفريقية عن عدم رضاها عن الأخطاء التحكيمية المتكررة في المسابقات القارية الكبرى.

مصادر مطلعة في أروقة الكاف تؤكد أن صامويل إيتو لعب دوراً محورياً في دفع ترشيح سيدي علوم لهذا المنصب الحساس. استغل إيتو نفوذه المتزايد داخل اللجنة التنفيذية ومنصبه كرئيس للجنة الفنية لإقناع القيادات الأفريقية بأهمية اختيار شخصية كاميرونية مؤهلة لقيادة عملية إصلاح التحكيم.

كما أن الخلافات الداخلية بين إيتو ووزارة الرياضة الكاميرونية لم تمنعه من توظيف خبرته الدولية وعلاقاته الواسعة لخدمة مصالح الكرة الكاميرونية على المستوى القاري. هذا التحرك الذكي يعكس رؤية إيتو الاستراتيجية لبناء شبكة مؤثرة من الكاميرونيين في المناصب القيادية بالكاف.

سيواجه سيدي علوم في منصبه الجديد تحديات كبيرة، أبرزها إعداد خطة شاملة لتطوير مستوى الحكام الأفارقة استعداداً لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 بالمغرب. وتشمل هذه المهام إعادة هيكلة مناطق وسط وغرب أفريقيا تحكيمياً، وإقرار معايير صارمة لاختيار الحكام المشاركين في البطولات القارية.

كما ستتطلب مهامه التعامل مع التقييمات المختلطة للحكام الأفارقة في البطولات الأخيرة، حيث تميز بعض الحكام مثل الموريتاني ضحان بيدا والجزائري مصطفى غربال، بينما حصل آخرون مثل الليبي معتز الشلماني والسنغالي عيسى سي على تقييمات سلبية.

تعكس هذه التعيينات رؤية إيتو الطموحة لإعادة تأهيل الكرة الأفريقية وجعلها قادرة على منافسة القارات الأخرى. ومن المتوقع أن يعمل علوم، تحت إشراف إيتو غير المباشر، على وضع برنامج تدريبي متطور للحكام الأفارقة وتطبيق أحدث التقنيات في التحكيم.

هذا التحالف الكاميروني داخل الكاف قد يشكل نواة لمشروع أكبر يهدف إلى تعزيز مكانة الكرة الأفريقية عالمياً، خاصة مع اقتراب موعد بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 بالمغرب في ديسمبر المقبل.

تبقى الأشهر القادمة حاسمة لاختبار فعالية هذا المشروع الإصلاحي، والذي قد يحدد مستقبل التحكيم الأفريقي للسنوات القادمة تحت قيادة الثنائي إيتو-علوم.