في توقيت مثير للجدل وتساؤلات كثيرة، خرج المدرب السابق للمنتخب الوطني الجزائري جمال بلماضي بتصريحات مؤثرة موجهة للشعب الجزائري، معبراً عن امتنانه العميق لأنصار الخضر الذين وقفوا إلى جانب المنتخب طوال فترة مسيرته. هذه الرسالة المفاجئة تأتي في وقت حساس، قبل أيام قليلة من مواجهتي الصومال وأوغندا الحاسمتين، حيث يحتاج المنتخب الحالي تحت قيادة بيتكوفيتش لثلاث نقاط فقط لتحقيق حلم التأهل للمونديال، وهو الهدف الذي فشل بلماضي نفسه في تحقيقه عندما كان مدرباً للخضر.
كلمات من القلب في توقيت حساس
قال بلماضي في تصريحات نادرة: “أغتنم هذه المناسبة لأتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان إلى جميع أنصار المنتخب الوطني، بل إلى الشعب الجزائري بأكمله، لأنهم جميعاً أنصار لهذا الفريق”. وأضاف المدرب السابق: “لقد كان دعمهم ومساندتهم سنداً لي دائماً، وكنت أشعر بهم إلى جانبي في كل خطوة”. هذه التصريحات تحمل في طياتها إشارات واضحة لمدى تأثير الجمهور الجزائري على مسيرة المدربين والمنتخب، وتؤكد أن بلماضي لا يزال يحمل مشاعر إيجابية تجاه التجربة رغم النهاية المؤلمة.
الجمهور الجزائري: اللاعب رقم 12 الدائم
أكد بلماضي على المكانة الكبيرة التي يحتلها الجمهور الجزائري في مسيرة المنتخب الوطني، واصفاً إياه بأنه “اللاعب رقم 12” الذي ظل دائماً بعطائه وحماسه وتشجيعه اللامحدود في مختلف المحافل الكروية. هذا الوصف ليس مجرد كلام معسول، بل يعكس حقيقة راسخة في تاريخ الكرة الجزائرية، حيث لعب الجمهور دوراً محورياً في إنجازات المنتخب عبر العقود. بلماضي الذي عاش فترات صعبة مع الانتقادات والضغوط، يبدو أنه يريد إبراز الجانب المشرق من علاقته مع الشارع الجزائري.
توقيت محير يثير التساؤلات
ما يثير الانتباه في هذه الرسالة هو توقيتها المحير، فهي تأتي في الأيام التي تسبق أهم مواجهتين للمنتخب الجزائري في التصفيات، حيث يقف الخضر على بُعد ثلاث نقاط فقط من تحقيق حلم التأهل للمونديال الأمريكي. هذا التوقيت يطرح تساؤلات عديدة: هل هي محاولة من بلماضي لاستعادة ود الجمهور؟ أم أنها رسالة دعم غير مباشرة للمنتخب الحالي؟ أم مجرد تعبير صادق عن المشاعر دون حسابات أخرى؟ الجمهور الجزائري منقسم في تفسير هذه الخطوة.
ذكريات مؤلمة وإنجازات لا تُنسى
بلماضي الذي قاد المنتخب الجزائري لأبهى فتراته في التاريخ الحديث بتحقيق لقب كأس الأمم الأفريقية 2019 ، فشل في تحقيق الهدف الأسمى وهو التأهل لكأس العالم. هذا الفشل في تصفيات مونديال قطر 2022 أمام الكاميرون كان بداية النهاية لمسيرته مع الخضر، رغم الإنجازات الكبيرة التي حققها. اليوم، والمنتخب على أبواب تحقيق ما عجز عنه، تأتي رسالته ليذكر الجميع بأن الجمهور كان دائماً الثابت الوحيد في معادلة النجاح والفشل.
رسالة للحاضر أم استعادة للماضي؟
هذه التصريحات تطرح سؤالاً جوهرياً: هل يحاول بلماضي من خلال هذه الرسالة إرسال إشارة للإدارة الحالية والجمهور بأنه لا يزال مهتماً بمصير المنتخب؟ أم أنها مجرد لحظة صدق وامتنان لشعب ساندته في أصعب الأوقات؟ بعض المتابعين يرون فيها محاولة لتلميع الصورة قبل عودة محتملة، بينما يعتبرها آخرون تصريحاً طبيعياً من مدرب عاش أجمل لحظاته المهنية مع هذا المنتخب.
تحدٍ كبير أمام بيتكوفيتش
في الوقت الذي يستعد فيه بيتكوفيتش لأهم مباراتين في مسيرته مع المنتخب، تأتي تصريحات بلماضي لتضيف بُعداً نفسياً جديداً للمشهد. المدرب البوسني الذي يحتاج لثلاث نقاط من مباراتي الصومال وأوغندا، يجد نفسه أمام ضغط إضافي ليحقق ما عجز عنه سلفه الذي حقق إنجازات قارية مهمة. هذا الوضع يجعل المهمة أكثر تعقيداً من الناحية النفسية، خاصة وأن الجمهور الجزائري يتطلع بشوق لرؤية الخضر في المونديال بعد غياب طال لسنوات.
الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت رسالة بلماضي مجرد ذكرى جميلة أم بداية فصل جديد في علاقته مع الكرة الجزائرية، لكن المؤكد أن المنتخب الحالي أمامه فرصة ذهبية لكتابة التاريخ وتحقيق حلم جيل كامل.