تحليل مباراة الجزائر 3-1 بوتسوانا: فوز صعب يكشف نقاط الضعف رغم الاقتراب من التأهل

حقق المنتخب الجزائري فوزاً مهماً على بوتسوانا بنتيجة 3-1، رافعاً رصيده إلى 18 نقطة ومقترباً خطوة إضافية من ضمان التأهل لنهائيات كأس العالم 2026. النقاط الثلاث تستحق الامتنان، لكن طريقة تحقيق هذا الانتصار تستدعي التوقف والتأمل الجدي.

الأداء العام للفريق كشف عن مظاهر ارتباك واضحة على معظم اللاعبين وحتى الطاقم الفني، مما يطرح تساؤلات حول جاهزية الفريق لمواجهة التحديات الأكبر. صحيح أننا في بداية الموسم حيث يواجه اللاعبون عادة صعوبات في استعادة الإيقاع، لكن هذا لا يبرر السلبيات العديدة التي ظهرت والتي تتطلب معالجة سريعة قبل فوات الأوان.

يسير المدرب فلاديمير بيتكوفيتش في الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في عقده: التأهل إلى المونديال وتجاوز الدور الأول في كأس أمم أفريقيا المقبلة. بينما يبدو الهدف الأول منطقياً ومنطقياً، فإن الاكتفاء بتجاوز الدور الأول في كأس أمم أفريقيا يعكس تقليلاً من قيمة المنتخب الجزائري وإمكانياته الحقيقية. الطموح الطبيعي للمنتخب الجزائري، بتاريخه العريق وجودة لاعبيه، يجب أن يكون بلوغ نصف النهائي على الأقل في أي بطولة قارية. رغم قرب تحقيق هدف التأهل للمونديال، تبقى الحقيقة المؤلمة أن الفريق لم يتطور بعد إلى مستوى فريق قوي قادر على مقارعة كبار القارة، رغم توفر أسماء متميزة تحت تصرف المدرب.

تبقى حراسة المرمى المعضلة الأكبر للمنتخب الجزائري، حيث لم ينجح أي من الحراس الحاليين في سد الفراغ الكبير الذي تركه رايس مبولحي. عبد القادر قندوز يقدم مستويات متذبذبة لا تبعث على الثقة الكاملة، بينما أسامة بن بوط، رغم خبرته الإفريقية وجاهزيته الظاهرة، لم يحصل على فرص كافية لإثبات قدراته. زكريا بوحلفاية قدم مستويات مقبولة مع منتخب المحليين لكنه لم يختبر بما فيه الكفاية على المستوى الدولي الكامل. هذا الوضع يطرح تساؤلات جدية حول إمكانية عودة مبولحي، خاصة مع بدايته القوية هذا الموسم مع فريقه الجديد ترجي مستغانم، والتي قد تكون الحل المنطقي لهذه الأزمة المستمرة.

يشكل وسط الدفاع ثاني أكبر المشاكل في التشكيلة الحالية، حيث يعاني عيسى ماندي من قلة مشاركته مع فريقه ليل، بينما يظهر محمد توغاي علامات تراجع واضحة تثير القلق. رامي بن سبايني يبقى العنصر الوحيد الموثوق في وسط الدفاع رغم لعبه كظهير أيسر مع دورتموند، لكن اندفاعيته وتهوره يؤديان لإقصاءات متكررة بسبب تراكم البطاقات. أحمد توبة قد يشكل حلاً منطقياً لكنه يحتاج لمزيد من الثقة والفرص. على مستوى الأظهرة، الوضع أفضل نسبياً: رياض آيت نوري يتميز بنزعته الهجومية لكنه يترك فراغات دفاعية خطيرة، بينما جوان حجام أكثر صلابة دفاعياً رغم قلة مساهمته الهجومية. على الجهة اليمنى، ياسين عطال ورقة أساسية لكن إصاباته المتكررة تجعل إيجاد بديل قوي ضرورة قصوى.

الخطاللاعبون المستقروناللاعبون المتذبذبونالملاحظات
الوسطهشام بودوايحسام عوار، نور الدين بن طالببودواي الوحيد المنتظم
الهجوممحمد عمورة، بغداد بونجاحرياض محرز، أمين غويريعمورة متألق (6 أهداف و4 تمريرات حاسمة)
البدلاء المهملونأنيس حاج موسى، إيلان قبال، إبراهيم مازةمواهب لا تُستغل بما فيه الكفاية

في خط الوسط، هشام بودواي هو الوحيد الذي يقدم مستوى منتظماً، بينما يعاني الباقون من تذبذب كبير. حسام عوار ونور الدين بن طالب يواجهان مشاكل في الإيقاع بسبب قلة مشاركتهما مع أنديتهما، بينما قد يشكل فارس شايبي حلاً مهماً بعد بدايته القوية للموسم. في الهجوم، محمد عمورة يتألق كاستثناء حقيقي بـ6 أهداف و4 تمريرات حاسمة، بينما رياض محرز بعيد عن مستواه المعهود ويبدو إشراكه 30 دقيقة أمراً منطقياً أكثر من الاعتماد عليه أساسياً. بغداد بونجاح أثبت فعاليته بهدفيه الأخيرين، ويوسف بلايلي يبقى ورقة رابحة قادرة على قلب المباريات.

الأمر المثير للاستغراب هو إهمال مواهب متألقة مثل أنيس حاج موسى المتميز مع فاينورد، وإيلان قبال العائد بقوة مع باريس، وإبراهيم مازة في خط الوسط الهجومي. هؤلاء اللاعبون جاهزون ويستحقون فرصاً أكثر من تلك الممنوحة لهم حالياً. في المقابل، بعض اللاعبين مثل سعيد بن رحمة لم يعودوا يبررون وجودهم رغم الفرص المتكررة، وكان الأجدر إشراك حاج موسى أو قبال بدلاً منه أمام بوتسوانا. ياسين بن زية تقدم في العمر ومستواه متذبذب، لكنه قد يبقى خياراً معقولاً كلاعب بديل.

لا مجال لمزيد من المجاملة أو التبرير، بل يجب الاعتراف بهذه الحقائق والعمل على معالجتها بجدية وسرعة. التأهل إلى المونديال إنجاز مهم ومطلوب، لكن طموحات الجزائر أكبر من مجرد المشاركة. الهدف يجب أن يكون ترك بصمة قوية في كأس العالم المقبلة، وبلوغ نصف نهائي كأس أمم أفريقيا 2025 في المغرب كحد أدنى، خاصة أن الأجواء المغاربية المشابهة لأجوائنا قد تشكل عاملاً مساعداً. الجزائر لها تاريخ عريق في كرة القدم الأفريقية لا يسمح بالإخفاق أو الاكتفاء بالحد الأدنى، والوقت متاح لمعالجة النقائص وبناء فريق قادر على تحقيق هذه الطموحات المشروعة.