تحول نادي راسينغ ستراسبورغ من فريق يصارع من أجل البقاء في الدوري الفرنسي (ليغ 1) إلى مرشح جاد للتأهل إلى دوري أبطال أوروبا لموسم 2025/2026، في موسم استثنائي يُعد من أبرز القصص في كرة القدم الفرنسية لعام 2024/2025.
هذا التحول اللافت جاء نتيجة استراتيجية ذكية في سوق الانتقالات، استثمارات مالكي النادي من BlueCo (الشركة المالكة لغالبية أسهم تشيلسي)، وتألق المدرب الشاب ليام روسينيور الذي قاد الفريق إلى أداء هجومي مبهر. يحتل ستراسبورغ حاليًا المركز السابع في الليغ 1 (حتى أبريل 2025)، بفارق 4 نقاط فقط عن أولمبيك مارسيليا الثاني، مما يضعه في قلب المنافسة على المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية.
استراتيجية الانتقالات: مزيج من شباب تشيلسي ومواهب محلية
اعتمد ستراسبورغ على استقطاب لاعبين شباب ذوي إمكانيات عالية، سواء من خلال التعاون مع تشيلسي أو من دوريات أخرى، مع التركيز على أبناء النادي. من أبرز اللاعبين المعارين من تشيلسي:
- دjordje Petrovic (الحارس الصربي): أحد أفضل حراس المرمى في الليغ 1، حافظ على شباكه نظيفة في 10 مباريات، مما عزز الثقة في خط الدفاع.
- أندري سانتوس (البرازيلي): جوهرة خط الوسط، يقدم أداءً مميزًا وقد يعود إلى تشيلسي الموسم المقبل بعد تألقه كقائد أحيانًا.
بالإضافة إلى ذلك، نجح النادي في ضم مواهب من دوريات متوسطة، مثل:
- إيمانويل إيميغا (المهاجم الهولندي): سجل 13 هدفًا، ليصبح رأس حربة فعّالاً.
- سيباستيان ناناسي (الجناح السويدي الشاب): أضاف سرعة وإبداعًا للخط الهجومي.
- حبيب ديارا وفيليكس لومارشال: مواهب محلية تأقلمت بسرعة مع متطلبات الدوري.
- ديلان باكوا: جناح متألق يساهم في خلق الفرص الهجومية.
هذا المزيج من الشباب، بدعم من استثمارات BlueCo التي بلغت حوالي 120 مليون يورو لضم 15 لاعبًا، ساهم في بناء فريق تنافسي.
رهان على الشباب: أصغر فريق في أوروبا
يتميز ستراسبورغ بكونه أصغر فريق في الدوريات الأوروبية الكبرى، بمتوسط أعمار يبلغ 21 عامًا وفقًا لـ Transfermarkt. من بين تعداد الفريق، يوجد 3 لاعبين فقط فوق سن الـ30:
- ماتس جوهانسون (35 عامًا، حارس ثالث).
- كيفن دولان وإدوارد سوبول (ظهيران احتياطيان).
هذا التركيز على الشباب، إلى جانب استقرار الإدارة بقيادة الرئيس مارك كيلر، سمح للفريق باللعب بطاقة وحماس، مع الحفاظ على انضباط تكتيكي.
ليام روسينيور: العقل المدبر وراء التألق
يُعد المدرب الإنجليزي ليام روسينيور (40 عامًا) المهندس الأساسي لنجاح ستراسبورغ. بعد توليه المهمة في صيف 2024، استبدل نهج المدرب السابق باتريك فييرا بأسلوب هجومي يعتمد على الضغط العالي واللعب السريع. روسينيور، الذي سبق له تدريب هال سيتي، أظهر مرونة تكتيكية، حيث بدأ الموسم بخطة دفاعية بثلاثة مدافعين، ثم تحول إلى رباعي دفاعي، قبل أن يستقر على تشكيلة متوازنة تجمع بين الهجوم الشرس والصلابة الدفاعية. أبرز لاعبيه في الخط الخلفي هم إسماعيل دوكوري، عبدولاي سار، وغويلا دوي، بينما يعتمد في الهجوم على أجنحة مثل دييغو موريرا وديلان باكوا. هذا الأداء جعل ستراسبورغ ثاني أفضل فريق في الليغ 1 في 2025 بعد باريس سان جيرمان، مع سلسلة من 7 مباريات دون هزيمة، تشمل انتصارات على ليل وليون، وتعادل مع مارسيليا.
تحديات تأهل ستراسبورغ لدوري الأبطال
على الرغم من التألق، يواجه ستراسبورغ تحديات كبيرة لضمان التأهل إلى دوري أبطال أوروبا. في الليغ 1، تمنح المراكز الثلاثة الأولى تأهلاً مباشرًا لمرحلة الدوري في دوري الأبطال، بينما يخوض الرابع التصفيات. الخامس يتأهل إلى الدوري الأوروبي، والسادس إلى تصفيات دوري المؤتمر. مع وجود منافسين مثل مارسيليا (الثاني)، موناكو (الثالث)، نيس (الرابع)، وليل (الخامس)، فإن المنافسة شرسة. كما أن نجاح ستراسبورغ يثير معضلة بسبب ملكية BlueCo المشتركة مع تشيلسي. إذا تأهل الناديان لنفس البطولة الأوروبية (مثل دوري الأبطال)، فإن قواعد الاتحاد الأوروبي (UEFA) تمنع مشاركتهما معًا. في هذه الحالة، سيحصل الفريق الأعلى ترتيبًا في الدوري المحلي على الأولوية، وقد يُهبط الآخر إلى بطولة أدنى (مثل الدوري الأوروبي) أو يُستبعد تمامًا. لحل هذه المشكلة، تخطط BlueCo لوضع ستراسبورغ في “صندوق استئماني” مؤقت لضمان الامتثال لقواعد UEFA.
هل يحقق ستراسبورغ الحلم الأوروبي؟
بفضل شبابه، أفكار روسينيور المبتكرة، ودعم BlueCo، أصبح ستراسبورغ ظاهرة الموسم في الليغ 1. الفريق، الذي خسر مباراة واحدة فقط في آخر 14 مباراة، يمتلك زخمًا قويًا ونتائج إيجابية أمام منافسين مباشرين. ومع ذلك، فإن التحديات الإدارية المتعلقة بملكية BlueCo، إلى جانب ضغط المنافسة في الأسابيع الأخيرة، قد تؤثر على حلم التأهل الأوروبي. الجماهير في الألزاس، رغم انقسامها حول الملكية الأمريكية، بدأت تحلم بالعودة إلى المنافسات القارية لأول مرة منذ موسم 2005/2006. سواء حقق ستراسبورغ دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي، فإن هذا الموسم سيظل نقطة تحول في تاريخ النادي، ودليلاً على أن الاستثمار في الشباب والتخطيط الذكي يمكن أن يصنع المعجزات.
التعليقات