عمورة يرد على إقصاء الكاف

في خطوة أثارت استياء واسعاً في الأوساط الرياضية الجزائرية، لم يتم اختيار محمد أمين عمورة، نجم المنتخب الوطني ومهاجم نادي فولفسبورغ الألماني، ضمن القوائم المرشحة لجوائز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) لعام 2025، رغم تألقه اللافت وتصدره قائمة هدافي تصفيات كأس العالم 2026 برصيد 10 أهداف. الإقصاء يطرح علامات استفهام كبيرة حول معايير الاختيار المعتمدة من طرف الكاف، خاصة وأن الأرقام والإحصائيات تشهد بالمستوى الاستثنائي الذي قدمه اللاعب الجزائري خلال العام المنصرم.

هذا التجاهل الصارخ لإنجازات عمورة لم يمر مرور الكرام، فالجماهير الجزائرية والمتابعون للكرة الإفريقية عبروا عن استيائهم الشديد من هذا القرار الذي اعتبروه غير عادل ولا يعكس الواقع الفني للاعب الذي كان أحد أبرز النجوم على المستوى القاري خلال الموسم الماضي. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى شفافية وموضوعية آليات التصويت والترشيح في المؤسسة القارية.

في أول رد فعل له على هذا الإقصاء المثير للجدل، اختار محمد أمين عمورة الطريق الأنضج والأكثر احترافية للتعبير عن موقفه. في حوار خص به الموقع الرسمي للكاف (CAFOnline.com)، لم يدخل النجم الجزائري في جدالات عقيمة أو تصريحات انفعالية، بل فضل أن يوجه رسالة واضحة مفادها أن أرضية الميدان ستكون جوابه الوحيد على كل التجاهل والإقصاء.

عمورة الذي وصف الجيل الحالي من المنتخب الوطني بـ”الجيل الموهوب” القادر على تشريف الألوان الوطنية، عبّر عن ثقته الكبيرة في قدرة “الخضر” على تقديم أداء مميز في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب، مؤكداً أن الطموحات كبيرة وأن هدف المنتخب هو الذهاب بعيداً في البطولة. هذا الموقف يعكس نضجاً كبيراً من اللاعب الذي فضل التركيز على الأهداف الجماعية بدلاً من الانشغال بالتقديرات الفردية.

“نملك مجموعة متجانسة وقوية، والروح الجماعية هي سرنا الحقيقي”، بهذه الكلمات لخص عمورة رؤيته للمنتخب الوطني الحالي الذي يعتبره قادراً على صنع الفارق في المحافل القارية. اللاعب الذي سيخوض ثالث مشاركة له في كأس الأمم الإفريقية بعد نسختي الكاميرون وكوت ديفوار، أكد أن البطولة المقبلة ستكون قوية وتنافسية، لكنه شدد على أن هدف “الخضر” واضح: “إسعاد الجماهير ورفع العلم الجزائري عالياً”.

الثقة التي يتحدث بها عمورة ليست مجرد كلمات إنشائية، بل هي انعكاس لواقع منتخب وطني يملك كل المقومات للمنافسة على اللقب القاري. التجانس الذي أشار إليه والروح الجماعية التي وصفها بـ”السر الحقيقي” للمنتخب، هي عناصر أساسية أثبتت فعاليتها في السنوات الأخيرة وساهمت في تحقيق نتائج إيجابية على مختلف المستويات.

بعيداً عن التقديرات الفردية والجوائز، حدد عمورة أولوياته بوضوح: “هدفي الشخصي هو مساعدة المنتخب قدر الإمكان، سواء بالتسجيل أو بالتمرير أو بالعمل الجماعي على أرضية الميدان”. هذا التصريح يعكس فلسفة لاعب ناضج يدرك أن النجاح الفردي لا قيمة له إذا لم يكن في خدمة المجموع، وأن الأهم بالنسبة له هو “بذل كل ما لديه من أجل الوطن”.

مهاجم فولفسبورغ الذي أنهى تصفيات كأس العالم 2026 في صدارة الهدافين برصيد 10 أهداف، يعرف جيداً أن الأرقام والإحصائيات الفردية ليست الهدف الأسمى، بل هي وسيلة لتحقيق الانتصارات الجماعية ورفع راية الجزائر عالياً في المحافل الدولية. هذا النضج في التفكير والأولويات هو ما يجعل منه قدوة للجيل الجديد من اللاعبين الجزائريين.

كشف عمورة أن الأجواء داخل المعسكر الوطني إيجابية جداً، تسودها الجدية والرغبة في تقديم أفضل أداء ممكن في البطولة القارية. “التحضيرات دائماً ما تسير في أحسن الظروف، وكل اللاعبين عازمون على التألق في المغرب”، أوضح النجم الجزائري، مشدداً على أن الهدف واضح وهو “الذهاب بعيداً في البطولة وتمثيل الجزائر بأفضل صورة ممكنة، والسعي لتحقيق اللقب إن شاء الله”.

هذه الروح الإيجابية والعزيمة القوية التي يتحدث عنها عمورة تعكس الاستعداد النفسي والذهني للمنتخب الوطني لخوض غمار منافسة قوية ضد أفضل المنتخبات الإفريقية. الجدية في التحضيرات والالتزام الجماعي بالأهداف المسطرة هي مؤشرات إيجابية تبشر بمشاركة قوية للخضر في نهائيات المغرب 2025.

بخصوص المجموعة الخامسة في كأس أمم إفريقيا 2025، التي تضع “الخضر” في مواجهة منتخبات السودان وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية، وصفها عمورة بأنها “مجموعة قوية تضم منتخبات محترمة”، لكنه شدد على أن الجزائر “تحترم الجميع ولا تخاف أحداً”. هذا التوازن بين الاحترام والثقة هو ما يميز المنتخب الوطني الذي لا يستهين بأي خصم لكنه في الوقت نفسه يدرك قيمته وإمكانياته.

“سنثبت قيمتنا فوق أرضية الميدان ونسعى لبلوغ أبعد نقطة ممكنة”، أضاف عمورة بثقة، في رسالة واضحة لجميع الخصوم بأن الجزائر جاءت إلى المغرب للمنافسة على اللقب وليس فقط للمشاركة. هذه الثقة مبنية على أساس صلب من النتائج الإيجابية والمستوى الفني المتطور الذي وصل إليه المنتخب في السنوات الأخيرة.

عن سؤال بخصوص السر وراء تألقه الأخير مع “الخضر” في تصفيات “الكان”، وبشكل خاص تصفيات المونديال التي أنهاها في صدارة الهدافين، أجاب عمورة بكل بساطة: “العمل الجاد والثقة التي يمنحها لي المدرب وزملائي هي السبب. عندما تشعر بالدعم، النتائج تأتي تلقائياً”. هذا التصريح يلخص فلسفة النجاح التي يؤمن بها اللاعب الجزائري، والتي تقوم على ثلاثة أعمدة: الاجتهاد الشخصي، ثقة الطاقم الفني، ودعم الزملاء.

رسالة عمورة هنا واضحة: النجاح ليس صدفة ولا ضربة حظ، بل هو نتاج عمل دؤوب وتضحيات كبيرة، في بيئة إيجابية تسودها الثقة المتبادلة بين جميع أطراف المنظومة. هذا المبدأ هو ما يجعل من عمورة لاعباً متكاملاً قادراً على صنع الفارق في اللحظات الحاسمة، وهو السر الذي جعله يتصدر قائمة هدافي تصفيات كأس العالم متفوقاً على نجوم كبار من مختلف المنتخبات الإفريقية.

في ختام حديثه، وجه عمورة رسالة مؤثرة إلى الجماهير الجزائرية التي تعتبر السند الأكبر للمنتخب الوطني: “أنتم مصدر قوتنا ودافعنا الأكبر. نعدكم أننا سنقاتل في كل مباراة لنجعل الجزائر فخورة بنا، إن شاء الله”. هذه الكلمات تحمل في طياتها تقديراً عميقاً للدور الذي تلعبه الجماهير في دعم المنتخب، واعترافاً بأن العلاقة بين اللاعبين والجمهور هي علاقة تكاملية تقوم على الحب والولاء المتبادل.

عمورة الذي يدرك جيداً قيمة الدعم الجماهيري، يعلم أن الجزائريين في كل مكان سيكونون خلف منتخبهم يساندونه ويدعمونه في كل خطوة، وهذا الدعم هو الذي سيمنح اللاعبين طاقة إضافية للتضحية والعطاء من أجل إسعاد ملايين الجزائريين ورفع راية الوطن عالياً في المحافل القارية والدولية.

في نهاية المطاف، اختار محمد أمين عمورة الطريق الأنبل للرد على إقصائه من قوائم جوائز الكاف، وهو الرد بالعمل الجاد والنتائج الإيجابية على أرضية الميدان. الجوائز والتقديرات الفردية قد تكون مهمة، لكنها تبقى ثانوية مقارنة بالهدف الأسمى وهو رفع راية الجزائر عالياً وإسعاد الجماهير التي تنتظر بفارغ الصبر مشاركة مميزة للخضر في كأس أمم إفريقيا 2025.

الأيام والمباريات القادمة ستكون الحكم الفعلي على من يستحق التقدير ومن لا يستحقه، والميدان سيكون الشاهد على قيمة اللاعبين الحقيقية بعيداً عن الحسابات والمعايير المشكوك فيها. عمورة وزملاؤه في المنتخب الوطني مصممون على إثبات أنهم يستحقون كل التقدير والاحترام، وأن الجزائر لا تزال قوة كروية قارية قادرة على المنافسة على الألقاب الكبرى.