قرار الكاف المثير للجدل .. هذه المنتخبات المستفيدة و الأخرى الأكثر تضرراً

انسحاب إريتيريا من تصفيات كأس العالم 2026 في نوفمبر 2023 خلق خللاً في التوازن بين المجموعات الأفريقية. المجموعة الخامسة التي كانت تضم المغرب وزامبيا والكونغو وتنزانيا والنيجر إضافة لإريتيريا، باتت تحتوي على خمسة منتخبات فقط، مما يعني لعب 8 مباريات فقط بدلاً من 10 في المجموعات الأخرى. هذا الخلل دفع الكاف، بالتنسيق مع الفيفا، لاتخاذ قرار مثير للجدل بإلغاء النقاط المحققة أمام الفرق المتذيلة في كل مجموعة عند ترتيب أفضل وصافات المجموعات.

القرار الذي لم يتم تصديقه رسمياً بعد، يهدف نظرياً لضمان العدالة بين المنتخبات المتنافسة على أفضل أربعة مراكز ثانية. لكن التطبيق العملي لهذا القرار يكشف عن تفاوت صارخ في المعاملة، حيث ستخسر بعض المنتخبات 6 نقاط كاملة بينما ستخسر أخرى نقطتين أو 4 نقاط فقط.

بوركينا فاسو ومدغشقر والكونغو الديمقراطية

هذه المنتخبات الثلاثة ستكون الأكثر تضرراً من قرار الكاف، حيث ستخسر كل منها 6 نقاط كاملة لفوزها ذهاباً وإياباً على الفرق المتذيلة في مجموعاتها. بوركينا فاسو التي فازت على جيبوتي في مناسبتين، ومدغشقر التي تغلبت على تشاد مرتين، والكونغو الديمقراطية التي انتصرت على جنوب السودان في المباراتين، ستجد نفسها في موقف صعب جداً.

هذه المنتخبات التي بذلت جهوداً كبيرة وحققت انتصارات مستحقة، ستُعاقب بسبب قرار إداري لا علاقة لها به. الخسارة الجماعية لـ 6 نقاط قد تخرجها من دائرة أفضل 4 وصافات، رغم أدائها المتميز طيلة التصفيات.

أوغندا والغابون في المنطقة الرمادية

أوغندا أيضاً ستخسر 6 نقاط، لكن موقعها المتأخر أصلاً يجعل تأثير هذا الخصم أقل حدة مقارنة بالمنتخبات السابقة. أما الغابون، فرغم خسارته 6 نقاط لفوزه على سيشيل مرتين، إلا أن موقعه المتقدم في الترتيب سيبقيه ضمن أفضل 4 وصافات في كل الأحوال.

الكاميرون تظهر كأكبر مستفيد من هذا القرار المثير للجدل. المنتخب الكاميروني الذي حصل على 4 نقاط فقط أمام سواتيني (تعادل 0-0 وفوز 3-0)، سيخسر 4 نقاط فقط بدلاً من 6. هذا الفارق الذي يبدو بسيطاً رقمياً، قد يكون حاسماً في تحديد المراكز النهائية، خاصة مع الفوارق الضئيلة المتوقعة بين المنتخبات المتنافسة.

موقع الكاميرون في المركز الثاني خلف الرأس الأخضر، إضافة لاستفادتها النسبية من قرار الخصم، يضعها في موقف مريح لضمان مقعد في الملحق. هذا الوضع يثير تساؤلات حول عدالة القرار ودوافعه الحقيقية.

المنتخب النيجيري قد يكون من أكبر المستفيدين من هذا القرار في حال نجح في الفوز على بنين وإنهاء التصفيات في المركز الثاني برصيد 17 نقطة. نيجيريا التي تعادلت ذهاباً وإياباً مع زيمبابوي المتذيل، ستخسر نقطتين فقط، مما يضعها في موقف أفضل من منتخبات ستنهي التصفيات برصيد 20 نقطة أو أكثر.

هذا السيناريو يكشف عن المفارقة الصارخة في القرار، حيث قد تتأهل نيجيريا للملحق برصيد أقل بكثير من منتخبات أخرى بسبب تطبيق قاعدة الخصم.

حل الخسارة بالقلم لإريتيريا

الحل الأكثر عدالة كان اعتبار انسحاب إريتيريا بمثابة خسارة جميع مبارياتها بالقلم، وإضافة 6 نقاط لكل منتخبات المجموعة الخامسة. هذا الحل كان سيضمن تساوي عدد المباريات الملعوبة بين جميع المنتخبات، وهو ما يحدث عادة في مثل هذه الحالات.

إريتيريا التي انسحبت خوفاً من فرار لاعبيها وطلب اللجوء السياسي، كما حدث مع 10 لاعبين في بوتسوانا عام 2019، لم تكن لتحقق أي نتيجة إيجابية بالنظر لمستواها المتواضع. المنتخب الذي لم يلعب مباراة رسمية منذ سبتمبر 2019، كان سيخسر جميع مبارياته تقريباً لو شارك فعلياً.

التوقيت والطريقة التي صدر بها القرار تثير شكوكاً حول نزاهة الدوافع. صدور القرار في الأسابيع الأخيرة من التصفيات، وتأثيره الواضح لصالح منتخبات محددة على حساب أخرى، يضع علامات استفهام كبيرة حول الشفافية.

قرار بهذه الأهمية كان يجب أن يُتخذ قبل بداية التصفيات، أو على الأقل بعد انسحاب إريتيريا مباشرة في نوفمبر 2023. التأخير في الإعلان عنه حتى الجولات الأخيرة يعطي انطباعاً بأنه مُصمم لخدمة أجندات معينة.

هذا القرار المثير للجدل قد يخلق سابقة خطيرة في التصفيات الأفريقية المستقبلية. اتخاذ قرارات إدارية مؤثرة على المنافسة الرياضية دون مراعاة العدالة الحقيقية، يهدد مصداقية النظام التنافسي برمته.

المنتخبات التي ستتضرر من هذا القرار، خاصة بوركينا فاسو ومدغشقر والكونغو الديمقراطية، لها الحق في الشعور بالظلم وربما التفكير في اتخاذ إجراءات قانونية. هذا القرار يضع الكاف في موقف محرج ويثير تساؤلات حول حياديته وعدالته في إدارة المنافسات الأفريقية.