في أداء يعكس نضجاً تكتيكياً وصلابة دفاعية استثنائية، قدّم سمير شرقي مباراة مميزة مع فريقه باريس أف سي أمام لانس في الدوري الفرنسي الممتاز، مؤكداً أنه بات جاهزاً لتحمل مسؤوليات أكبر مع المنتخب الوطني. المدافع الشاب، الذي حقق الصعود مع ناديه إلى الليغ 1 وشارك في تربص أكتوبر مع الخضر، يدخل بقوة في حسابات فلاديمير بيتكوفيتش كحل استراتيجي لتعزيز الخطوط الخلفية قبل الاستحقاقات الكبرى.
أداء كامل أمام لانس.. 90 دقيقة من الصلابة
في مباراة اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 ضمن منافسات الليغ 1، خاض سمير شرقي 90 دقيقة كاملة كقلب دفاع أساسي إلى جانب زميله إيلان قبال، في مواجهة فريق لانس المعروف بهجومه القوي وسرعة انتقالاته. الأداء الذي قدمه شرقي لم يكن مجرد مشاركة عادية، بل كان عرضاً شاملاً لقدراته الدفاعية والتنظيمية التي تجعله خياراً مثالياً للمنتخب الوطني.
المدافع الجزائري أظهر قراءة ذكية للعب، وتمركزاً مثالياً في المواقف الحرجة، وقدرة على قطع الكرات الخطرة قبل وصولها للمهاجمين. لعب بثقة عالية، لم يتردد في الصراعات الجسدية، وأظهر صلابة دفاعية جعلت من الصعب على مهاجمي لانس اختراق دفاع باريس أف سي. هذا المستوى من الأداء يعكس نضجاً مبكراً لدى لاعب لا يزال في مرحلة الصعود مع فريقه.
إحصائيات لافتة تُظهر تكاملاً دفاعياً
الأرقام التي حققها شرقي في مباراة اليوم تتحدث عن نفسها، وتُظهر أنه لاعب متكامل دفاعياً، لا يكتفي بالمهام الدفاعية فقط، بل يُساهم أيضاً في بناء اللعب من الخلف:
نسبة تمريرات دقيقة 85%: هذه النسبة المرتفعة تعكس قدرته على التعامل مع الضغط وتوزيع الكرات بدقة حتى في المواقف الصعبة. في كرة القدم الحديثة، قلب الدفاع لم يعد مجرد مدافع يصد الهجمات، بل أصبح حلقة وصل بين الدفاع والهجوم. شرقي أثبت أنه يفهم هذا الدور جيداً، حيث قدم تمريرات مفتاحية ساعدت في بناء هجمات فريقه.
6 تدخلات دفاعية ناجحة: في المواقف الحرجة، كان شرقي حاسماً. اعتراضاته لم تكن عشوائية، بل جاءت نتيجة قراءة ذكية لتحركات المهاجمين وتوقع صحيح لمسارات الكرات. هذا النوع من التدخلات يُنقذ الفرق من أهداف محققة، ويعكس وعياً تكتيكياً عالياً.
قطع الكرة في مناسبات مهمة: بالإضافة للتدخلات المباشرة، نجح شرقي في قطع الكرات في لحظات خطرة، قبل أن تصل للمهاجمين. هذه القدرة على التحرك الاستباقي تُميّز المدافعين المتميزين عن العاديين.
11 كيلومتراً: المسافة التي قطعها شرقي في المباراة تعكس لياقة بدنية استثنائية. رغم أن قلب الدفاع لا يُتوقع منه قطع مسافات كبيرة مثل لاعبي الوسط، إلا أن هذا الرقم يُظهر أن شرقي لم يكن ثابتاً في مكانه، بل كان يتحرك باستمرار لتغطية المساحات، مساعدة الأظهرة، والمشاركة في بناء الهجمات. هذه اللياقة ستكون حاسمة في المباريات الصعبة مع المنتخب.
الصعود التاريخي مع باريس أف سي
قبل الحديث عن مستقبل شرقي مع المنتخب، لا بد من التذكير بـالإنجاز الكبير الذي حققه مع ناديه باريس أف سي: الصعود إلى الدوري الفرنسي الممتاز. هذا الإنجاز ليس عادياً، خاصة أن شرقي كان عنصراً أساسياً في تحقيقه، حيث شارك في معظم المباريات الحاسمة وأظهر مستوى لافتاً لفت أنظار المتابعين.
الصعود إلى الليغ 1 يعني أن شرقي بات يلعب في أحد أقوى الدوريات الأوروبية، حيث المنافسة شرسة، والمستوى الفني عالٍ جداً. هذه الخبرة ستُضيف الكثير لمسيرته، وستجعله أكثر جاهزية للعب على المستوى الدولي مع المنتخب الجزائري.
تربص أكتوبر.. أول ظهور ودقائق إيجابية
في تربص أكتوبر الأخير، استدعى بيتكوفيتش شرقي لأول مرة، في إشارة واضحة إلى أن المدرب البوسني يُراقب أداء المدافع الشاب عن كثب. الاستدعاء لم يكن مجرد تكريم رمزي، بل جاء ضمن رؤية تكتيكية واضحة لتعزيز الخيارات الدفاعية.
خلال المباراة أمام أوغندا، حصل شرقي على دقائق إيجابية، رغم أنها لم تكن طويلة. لكن ما لفت الانتباه هو أن بيتكوفيتش جرّبه كظهير أيمن، وليس في مركزه الأساسي كقلب دفاع. هذه التجربة تعكس مرونة تكتيكية في تفكير المدرب، الذي يبحث عن لاعبين قادرين على اللعب في أكثر من مركز.
الدقائق التي لعبها شرقي كانت مشجعة، أظهر فيها انضباطاً تكتيكياً، وقدرة على التأقلم مع المركز الجديد رغم عدم اعتياده عليه. هذا الأداء وضعه تحت المعاينة المباشرة من بيتكوفيتش، الذي يُخطط لاستخدامه بشكل أكبر في التربصات القادمة.
خطة بيتكوفيتش.. نظام الثلاثة مدافعين
واحدة من أبرز الخطط التكتيكية التي يُفكر فيها بيتكوفيتش هي اعتماد نظام دفاعي بثلاثة مدافعين (3-5-2 أو 3-4-3) في مباريات معينة، خاصة أمام الخصوم الأقوياء. هذا النظام يتطلب ثلاثة أقلاب دفاع أقوياء، قادرين على تغطية المساحات الواسعة، والتعامل مع الهجمات السريعة.
حالياً، يملك بيتكوفيتش خيارات جيدة في قلب الدفاع مثل عيسى ماندي، رامي بن سبعيني، وتوقاي. لكن إضافة شرقي ستُعزز العمق والخيارات، خاصة أنه لاعب شاب، متطور، ويلعب في دوري قوي.
في نظام الثلاثة مدافعين، شرقي قد يكون الحل المثالي كمدافع مركزي أو جانبي، بفضل قدرته على التحرك السريع، قطع الكرات، والمشاركة في بناء اللعب. وجوده سيُتيح لبيتكوفيتش مرونة أكبر في التشكيلات، ويمنحه بديلاً قوياً في حال إصابة أو تعب أحد الأساسيين.
هذا التعدد يُتيح لبيتكوفيتش التجريب دون مخاطرة. إذا نجح شرقي كظهير أيمن، فهذا يُضيف عمقاً إضافياً للتشكيلة. وإذا فضّل المدرب إبقاءه في قلب الدفاع، فالخيار متاح أيضاً. هذه المرونة نادرة، وتعكس عمق الخيارات التي يملكها المنتخب الجزائري حالياً.
تربص نوفمبر.. محطة حاسمة
تربص نوفمبر المقبل سيكون محطة حاسمة في مسيرة سمير شرقي مع المنتخب الوطني. بيتكوفيتش يُخطط لمنحه وقتاً أطول، سواء كقلب دفاع أو كظهير، لتقييم قدراته بشكل أعمق. المباريات الودية في نوفمبر (سواء أمام منتخبات أفريقية أو آسيوية) ستكون فرصة ذهبية لشرقي لـإثبات نفسه وحجز مقعد دائم في القائمة الأساسية.
إذا استمر شرقي في تقديم أداءات مميزة مع باريس أف سي في الليغ 1، وأظهر تطوراً ملحوظاً في التربصات، فإنه قد يجد نفسه ضمن القائمة النهائية لكأس أمم أفريقيا 2025 بالمغرب. المنافسة على المقاعد الدفاعية شرسة، لكن الفرصة متاحة للجميع، ومن يُقدم المستوى الأفضل هو من سيُحجز مكانه.
مدافع واعد يطرق الباب بقوة
بأدائه المتألق أمام لانس، وبإحصائياته اللافتة (85% دقة تمريرات، 6 تدخلات، 11 كلم)، وبمسيرته الصاعدة مع باريس أف سي، يُثبت سمير شرقي أنه ليس مجرد لاعب واعد، بل هو حل دفاعي جاهز يمكن لبيتكوفيتش الاعتماد عليه.
الصعود إلى الليغ 1، المشاركة في تربص أكتوبر، التجريب كظهير أيمن، ووضعه تحت المعاينة المباشرة، كلها مؤشرات على أن المستقبل مشرق لهذا المدافع الشاب. مع استمرار التطور والحفاظ على المستوى، قد نشهد قريباً شرقي أساسياً في دفاع الخضر، سواء في نظام الأربعة أو نظام الثلاثة مدافعين.