منذ أول مباراة دولية للمنتخب الجزائري بعد الاستقلال وحتى مواجهة أوغندا في أكتوبر 2025، ارتدى القميص الأخضر 690 لاعباً في المباريات الدولية الرسمية والودية. من بين هذا العدد الكبير، هناك 50 لاعباً فقط تجاوزوا حاجز الـ44 مباراة دولية، ليُصبحوا “الأوفياء” لقميص المنتخب الوطني. هؤلاء الخمسون يمثلون الاستمرارية، الإخلاص، والمستوى العالي الذي سمح لهم بالبقاء في التشكيلة الوطنية لسنوات طويلة، عبر أجيال وحقب مختلفة.
نادي المئة.. الأساطير الأربعة
في قمة الهرم، يوجد نادي المئة، المجموعة الحصرية من اللاعبين الذين تجاوزوا حاجز الـ100 مباراة دولية مع الخضر. حتى الآن، أربعة لاعبين فقط نجحوا في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي:
1. عيسى ماندي – 110 مباريات (75 رسمية، 35 ودية)
في صدارة القائمة، يتربع عيسى ماندي، قلب الدفاع الصلب والقائد الميداني، بـ110 مباريات دولية. ماندي يمثل جيل ما بعد 2014، وكان حاضراً في أهم محطات المنتخب خلال العقد الأخير. مشاركته في 75 مباراة رسمية تعكس أهميته في المواجهات الحاسمة، بينما الـ35 ودية تُظهر اعتماد جميع المدربين عليه كعنصر أساسي لا يُستغنى عنه.
ماندي شارك في كأس العالم 2014 (دون أن يلعب في التصفيات)، كأس أمم أفريقيا 2019 (البطل)، مونديال قطر 2022 (التصفيات)، وكأس العالم 2026 (التصفيات). هذه المسيرة الطويلة جعلته الأكثر مشاركة في تاريخ الخضر، متفوقاً على أساطير مثل بلومي وماجر.
2. رياض محرز – 107 مباريات (71 رسمية، 36 ودية)
الساحر الجزائري، رياض محرز، يحتل المرتبة الثانية بـ107 مباريات. قائد المنتخب الحالي، وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة في التاريخ، محرز التحق بالمنتخب في 2014 (بعد نهاية التصفيات)، لكنه سرعان ما فرض نفسه كنجم أساسي لا غنى عنه.
مشاركاته في 71 مباراة رسمية تعكس أنه كان حاضراً في كل المحطات الكبرى: كأس العالم 2014 (المونديال فقط)، كأس أمم أفريقيا 2015، 2017، 2019 (البطل)، مونديال روسيا 2018 (التصفيات والنهائيات)، كأس العالم 2022 (التصفيات)، وكأس العالم 2026 (التصفيات). بـ33 هدفاً و36 تمريرة حاسمة، محرز ليس فقط أكثر اللاعبين مشاركة، بل أيضاً أحد أكثرهم تأثيراً.
3. إسلام سليماني – 102 مباراة (69 رسمية، 33 ودية)
الهداف التاريخي للجزائر، إسلام سليماني، يحتل المرتبة الثالثة بـ102 مباراة. بـ43 هدفاً دولياً، سليماني ليس فقط الأكثر مشاركة، بل الأكثر تسجيلاً أيضاً، وهو إنجاز نادر جداً.
سليماني شارك في كأس العالم 2014 (التصفيات والنهائيات)، كأس أمم أفريقيا 2015، 2017، 2019 (البطل)، مونديال روسيا 2018 (التصفيات)، وكأس العالم 2022 (التصفيات). مشاركاته الـ69 الرسمية كانت كلها تقريباً كمهاجم محوري أساسي، مما يعكس الثقة الكبيرة التي منحه إياها جميع المدربين.
4. لخضر بلومي – 100 مباراة (72 رسمية، 28 ودية)
الأسطورة التاريخية، لخضر بلومي، يُكمل نادي المئة بـ100 مباراة بالضبط. بلومي يمثل الجيل الذهبي للثمانينيات، وشارك في كأس العالم 1982 (إسبانيا) و1986 (المكسيك). مشاركاته الـ72 الرسمية في ذلك العصر تُعتبر رقماً قياسياً، خاصة أن المباريات الدولية كانت أقل كثافة آنذاك.
بلومي سجل 22 هدفاً دولياً، وكان أحد أبرز نجوم القارة الأفريقية في الثمانينيات. وصوله لحاجز المئة في تلك الحقبة يُعتبر إنجازاً نادراً، يعكس استمرارية استثنائية.
من 91 إلى 50.. الأوفياء الآخرون
بقية القائمة تضم لاعبين من أجيال مختلفة، من السبعينيات حتى اليوم، كل واحد منهم ترك بصمته الخاصة:
المجموعة الثانية (70-91 مباراة):
- رايس مبولحي (91 مباراة): الحارس الأساطير، الذي دافع عن مرمى الخضر لسنوات طويلة.
- بلال دزيري (88 مباراة): الظهير الأيسر المخضرم.
- رابح ماجر (86 مباراة): أسطورة الجيل الذهبي، ورمز الكرة الجزائرية.
- عبد الحفيظ تاسفاوت (86 مباراة): هداف التسعينيات وأحد أبرز المهاجمين.
- سفيان فغولي (82 مباراة): لاعب الوسط المبدع، نجم جيل 2010-2020.
- جمال مناد (79 مباراة): المدافع الصلب من التسعينيات.
- محمود قندوز (77 مباراة): حارس المرمى الحالي.
- محي الدين مفتاح (77 مباراة): لاعب وسط الجيل الذهبي.
- رامي بن سبعيني (75 مباراة): المدافع المخضرم، رفيق درب ماندي.
- موسى صايب (74 مباراة): لاعب الوسط الموهوب.
- بغداد بونجاح (74 مباراة): المهاجم القوي، صاحب 22 هدفاً.
- علي فرقاني (72 مباراة): لاعب الجيل الذهبي.
- صالح عصاد (72 مباراة): المدافع الشهير من الثمانينيات.
- فضيل مغارية (71 مباراة): الحارس الأسطوري للجيل الذهبي.
- مجيد بوقرة (70 مباراة): لاعب الوسط المبدع من جيل 2010.
المجموعة الثالثة (44-67 مباراة):
هذه المجموعة تضم 35 لاعباً آخرين، من بينهم أسماء لامعة مثل:
- ياسين براهيمي (63 مباراة): صديق محرز الدائم، ولاعب الوسط الموهوب.
- كريم زياني (62 مباراة): نجم جيل 2000-2010.
- نبيل بن طالب (58 مباراة): المهاجم السريع.
- يوسف عطال (49 مباراة): الظهير الأيمن الهجومي من الجيل الحالي.
- هلال سوداني (51 مباراة): المهاجم القوي صاحب 22 هدفاً.
- سفير تايدر (46 مباراة): لاعب الوسط المتميز من الجيل الحالي.
التنوع الزمني.. من السبعينيات إلى اليوم
أحد أجمل جوانب هذه القائمة هو التنوع الزمني. القائمة تضم لاعبين من:
جيل السبعينيات والثمانينيات: بلومي، ماجر، مفتاح، فرقاني، عصاد، مغارية، الوزاني، وآخرين. هؤلاء صنعوا مجد الجزائر في مونديال 1982 و1986.
جيل التسعينيات: تاسفاوت، مناد، بن ناصر، مرزقان، رحو، وآخرين. جيل قاد الجزائر في كأس أمم أفريقيا 1990 وتصفيات مونديال 1998.
جيل الألفية: صايفي، زياني، بوقرة، بن طالب، سوداني، وآخرين. جيل عاش صعوبات لكنه وضع أسس النهضة.
جيل 2010-2020: محرز، سليماني، فغولي، مبولحي، دزيري، بونجاح، براهيمي، وآخرين. الجيل الذهبي الجديد، الذي حقق كأس أمم أفريقيا 2019 وتأهل لـمونديال 2014.
الجيل الحالي: ماندي، قندوز، بن سبعيني، عطال، تايدر، وآخرين. جيل يقود الجزائر نحو مونديال 2026.
المباريات الرسمية vs الودية
عند تحليل نسبة المباريات الرسمية مقابل الودية، نجد تفاوتاً كبيراً:
اللاعبون ذوو النسبة الأعلى من المباريات الرسمية:
- تاج بن ساولة: 46 رسمية من 52 (88.5%)
- ماندي: 75 رسمية من 110 (68.2%)
- مبولحي: 74 رسمية من 91 (81.3%)
هؤلاء اللاعبون كانوا أساسيين في المواجهات الحاسمة، مما يعكس أهميتهم القصوى.
اللاعبون ذوو النسبة الأعلى من المباريات الودية:
- عمر بتروني: 40 ودية من 63 (63.5%)
- مغارية: 37 ودية من 71 (52.1%)
- خديس: 36 ودية من 64 (56.3%)
هؤلاء شاركوا في حقب شهدت الكثير من المباريات الودية، أو كانوا لاعبين تجريبيين في بعض الفترات.
690 لاعباً.. تاريخ حافل
الرقم 690 لاعباً منذ الاستقلال حتى أكتوبر 2025 يعكس ثراء وتنوع الكرة الجزائرية عبر العقود. هذا يعني أنه في كل جيل، ظهرت عشرات المواهب التي حظيت بفرصة ارتداء القميص الأخضر، حتى لو كانت لمباراة واحدة فقط.
لكن من بين هؤلاء الـ690، فقط 50 لاعباً (أي 7.2% فقط) تمكنوا من تجاوز حاجز الـ44 مباراة. هذا يعكس صعوبة الاستمرار على المستوى العالي لفترة طويلة. معظم اللاعبين يشاركون في بضع مباريات ثم يختفون، بينما الأوفياء الـ50 نجحوا في البقاء لسنوات على القمة.
الخلاصة.. تاريخ من الإخلاص والعطاء
قائمة الـ50 الأكثر مشاركة مع المنتخب الوطني ليست مجرد أرقام، بل هي قصص إنسانية عن الإخلاص، التضحية، والحب اللامحدود للقميص الأخضر. كل واحد من هؤلاء الخمسين قدّم سنوات من عمره، تحمّل الإصابات والضغوط، وسافر آلاف الكيلومترات، من أجل شرف تمثيل الجزائر.
في القمة، يقف نادي المئة الحصري: ماندي، محرز، سليماني، وبلومي. أربعة أساطير من أربعة أجيال مختلفة، وحدهم القميص الأخضر. خلفهم، 46 لاعباً آخرين تركوا بصماتهم الخاصة، ليُشكلوا معاً تاريخاً حافلاً بالإنجازات والذكريات.