اختار المدير العام الرياضي لاتحاد العاصمة سعيد عليق، المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة لقيادة الفريق تقنياً بداية من الموسم الكروي الجديد 2025-2026. هذا القرار يأتي بعد عملية بحث دقيقة شملت عدة مرشحين، ويمثل رهاناً كبيراً على استعادة النادي العاصمي لمكانته الرائدة في الكرة الجزائرية والقارية.
عملية الاختيار والبدائل المطروحة
وضعت إدارة اتحاد العاصمة بقيادة سعيد عليق في منصبه الجديد كمدير عام رياضي المدرب السابق للنادي ضمن قائمة مختصرة من المرشحين المتميزين، إلى جانب المدرب الإسباني غاريدو والسنغالي أليو سيسي. هذا التنويع في الخيارات يعكس الرؤية الطموحة للإدارة الجديدة التي تسعى لاختيار الأنسب تقنياً وليس فقط الأقل تكلفة.
كان المدرب السنغالي أليو سيسي من بين المرشحين الجديين، لكن التفاصيل المالية المعقدة أسقطت إمكانية التعاقد معه، خاصة وأنه مرتبط حالياً بعقد مع الاتحاد الليبي لكرة القدم. هذه العقبة المالية والقانونية دفعت الإدارة للتركيز على الخيارات الأكثر واقعية وعملية.
من ناحية أخرى، كان الإسباني غاريدو خياراً جاذباً بخبرته الأوروبية، لكن اعتبارات عديدة منها التكلفة المالية ومعرفة الوسط الجزائري رجحت كفة بن شيخة الذي يجمع بين الخبرة الدولية والفهم العميق لطبيعة الكرة الجزائرية وخصوصيات نادي سوسطارة.
سيرة تدريبية متميزة لعبد الحق بن شيخة
عبد الحق بن شيخة البالغ من العمر 61 عاماً يعود لاتحاد الجزائر محملاً بخبرة تدريبية ثرية تمتد لعقود من النجاحات المحلية والقارية. مسيرته التدريبية قادته عبر دوريات عربية متنوعة في الجزائر وقطر وتونس والمغرب، وكان القاسم المشترك بينها النجاحات التي حققها.
آخر محطاته التدريبية كانت مع شبيبة القبائل الجزائري، حيث استقال في يناير 2025 بعد فترة تدريبية شهدت 15 مباراة، قبل أن ينتقل لتدريب نادي مودرن سبورت المصري في فبراير 2025. هذا التنقل المستمر يعكس الطلب العالي على خدماته التدريبية في المنطقة العربية.
خبرته الدولية لا تقتصر على الأندية، حيث تولى مهمة تدريب المنتخب الجزائري الأول عام 2010، وهي تجربة أكسبته فهماً عميقاً لطبيعة اللاعب الجزائري ومتطلبات الكرة الوطنية.
الإنجازات التاريخية مع اتحاد الجزائر
ستكون هذه التجربة الثانية لبن شيخة مع نادي سوسطارة، بعد فترة تاريخية مجيدة نال فيها الاتحاد بقيادته إنجازات قارية استثنائية. حقق مع اتحاد الجزائر لقبي الكونفدرالية الإفريقية وكأس السوبر الإفريقي، وهما إنجازان يضعانه في مصاف كبار المدربين الأفارقة.
قاد اتحاد الجزائر للتتويج بلقبه الأول في بطولة كأس السوبر الأفريقي 2023، على حساب البطل التاريخي الأهلي المصري، وهو انتصار له مذاق خاص كونه جاء ضد عملاق الكرة الأفريقية. هذا الإنجاز يعكس قدرته على إعداد الفريق للمناسبات الكبيرة وإدارة الضغوط النفسية.
تجربته الأولى مع الاتحاد لم تكن خالية من التحديات، حيث استقال من تدريب اتحاد الجزائر في أكتوبر 2023 في ظروف صعبة، لكن الإنجازات التي حققها خلال فترة وجوده تبقى محفورة في ذاكرة النادي والجماهير.
التحديات المنتظرة في الموسم الجديد
عودة بن شيخة تأتي في توقيت حساس للنادي العاصمي الذي يسعى لاستعادة مكانته الطبيعية بين كبار الأندية الجزائرية. النادي الذي حقق لقب كأس الجزائر للمرة التاسعة في تاريخه في يوليو 2025 يطمح لتحقيق إنجازات أكبر في البطولة المحلية والمشاركات القارية.
عودة سعيد عليق كانت مطلباً جماهيرياً، حيث يرى مشجعو الاتحاد فيه “المنقذ” للنادي بعدما فقد هيبته، وهذا يضع ضغطاً إضافياً على الطاقم التدريبي الجديد لتحقيق النتائج المرجوة.
المدرب الجديد سيحتاج للتعامل مع ضغوط الجماهير العالية وتوقعاتها الكبيرة، خاصة بعد الإنجازات القارية السابقة. كما سيواجه تحدي بناء فريق قادر على المنافسة على جميع الجبهات المحلية والقارية.
الفلسفة التدريبية والأسلوب التكتيكي
بن شيخة معروف بأسلوبه التدريبي المتوازن الذي يجمع بين الانضباط التكتيكي والمرونة في التعامل مع اللاعبين. فلسفته تقوم على بناء روح جماعية قوية واستغلال نقاط القوة الفردية لخدمة الهدف الجماعي.
خبرته الواسعة في المباريات الحاسمة والنهائيات تجعله الخيار المثالي لنادٍ طموح مثل اتحاد الجزائر. قدرته على قراءة المباريات الكبيرة وإجراء التغييرات التكتيكية المناسبة في الأوقات الحرجة كانت أحد أسرار نجاحه السابق.
مشروع طموح
الإدارة الجديدة للاتحاد تراهن على خبرة بن شيخة وعلاقته التاريخية بالنادي لقيادة مشروع طموح يهدف لاستعادة الألقاب المحلية والعودة القوية للمنافسة القارية. هذا المشروع يتطلب صبراً ووقتاً لبناء فريق متماسك قادر على المنافسة على أعلى المستويات.
النجاح في هذه المهمة سيضع بن شيخة في مصاف أعظم المدربين في تاريخ النادي، بينما الفشل قد يؤثر على سمعته التدريبية المتميزة. لكن تاريخه الحافل بالإنجازات والتحديات يعطي مؤشرات إيجابية حول قدرته على تحقيق الأهداف المرسومة.
عودة عبد الحق بن شيخة إلى اتحاد الجزائر تمثل رهاناً مدروساً من إدارة طموحة تسعى لاستعادة الهيبة المفقودة. الرجل الذي صنع التاريخ مع النادي سابقاً يعود لكتابة فصل جديد قد يكون الأهم في مسيرته التدريبية.
الموسم القادم سيكون اختباراً حقيقياً لقدرة هذا الثنائي التاريخي (عليق – بن شيخة) على إعادة الاتحاد إلى مكانته الطبيعية بين عمالقة الكرة الجزائرية والأفريقية. الجماهير تنتظر، والتاريخ يراقب، والكرة الآن في ملعب الطاقم الجديد لإثبات أن العودة للجذور قد تكون أحياناً أفضل طريق للمستقبل.