تصاعد الجدل في ألمانيا بعد قرار مدرب فولفسبورغ بول سيمونيس إبعاد الدولي الجزائري محمد الأمين عمورة عن التشكيلة الأساسية خلال مباراة الفريق أمام شتوتغارت، ضمن منافسات الجولة الماضية من الدوري الألماني. وأثار هذا القرار موجة انتقادات حادة في الصحافة الألمانية التي اعتبرت أن المدرب ارتكب “خطأً فنياً واضحاً”، خاصة في ظل غياب الانسجام الهجومي بعد استبعاده لهداف الفريق الموسم الماضي .
الصحافة الألمانية تنتقد بشدة
وسائل الإعلام الألمانية، وعلى رأسها صحيفتا بيلد وكيكر، وصفت قرار سيمونيس بـ”التكتيك المربك”، موجهةً تساؤلات حول الأسباب التي دفعته لإجلاس أحد أنشط لاعبي الفريق على دكة الاحتياط رغم جاهزيته الفنية. وقالت صحيفة كيكر:
“لا يمكن تبرير الاستغناء عن عمورة بهذا الشكل، خصوصاً في مباراة ضد خصم مباشر كشتوتغارت. اللاعب كان جاهزاً، والنتيجة أكدت أن غيابه ترك فراغاً واضحاً في الهجوم”.
عمورة لم يشارك سوى لمدة 12 دقيقة فقط بعد دخوله في الدقيقة 78، في مباراة انتهت بخسارة فريقه بثلاثية كاملة (3-0)، ما زاد من حدة الانتقادات ضد المدرب .
اعتذار المدرب واعترافه بالخطأ
إثر تصاعد الضغط الإعلامي، خرج بول سيمونيس بتصريحات رسمية لوسائل الإعلام الألمانية، اعترف من خلالها بخطئه الفني في التعامل مع المهاجم الجزائري. وقال في تصريح لصحيفة كيكر:
“أتحمل كامل المسؤولية عن الخطأ. كان من الأفضل إشراك عمورة منذ البداية. لقد عاد متأخراً من الجزائر بعد التزامه الدولي، لكني ربما بالغت في تقدير مسألة الجاهزية البدنية”.
وأكد المدرب الألماني أنه تحدث مع عمورة وقدم له اعتذاراً شخصياً بعد اللقاء، مشيراً إلى أنه “يؤمن بقدراته وسيعتمد عليه أكثر في المرحلة المقبلة”، خصوصاً أن إدارة فولفسبورغ ترى فيه أحد العناصر الأساسية للموسم الحالي .
خلفيات القرار: العودة المتأخرة من المنتخب
كشف سيمونيس أن قراره جاء بعد عودة اللاعب من الجزائر في وقت متأخر، عقب مشاركته في احتفالية التكريم التي أقامتها رئاسة الجمهورية للمنتخب الوطني بعد ضمان التأهل إلى كأس العالم 2026. وأوضح قائلاً:
“عمورة لم يخض تدريبات كافية مع المجموعة قبل المواجهة. بدأت التحضيرات والخطة من دونه، لذلك أبقيته احتياطياً، لكن يبدو أن القرار لم يكن صائباً” .
تزامن ذلك مع تصريحات إعلامية حمل فيها المدرب الجزائريين المسؤولية عن التأخير في التحاق اللاعب بفريقه، مشيراً إلى أن توقيت السفر أربك تحضيراته قبيل مواجهة شتوتغارت.
إحصائيات عمورة هذا الموسم
حتى الآن، لعب محمد الأمين عمورة 7 مباريات مع فولفسبورغ في الدوري الألماني، سجل خلالها هدفين وقدم تمريرة حاسمة واحدة فقط. هذه الأرقام تعتبر أقل من مستواه في الموسم الماضي، الذي شهد تألقاً لافتاً بعد تسجيله 10 أهداف وصناعته 12 تمريرة حاسمة خلال موسمه الأول في ألمانيا .
ويعتقد العديد من المحللين أن سبب هذا التراجع يعود إلى تعدد المراكز التي شغلها عمورة، حيث استُخدم مرة كجناح وأخرى كمهاجم صريح، وهو ما أثر على استقراره الفني.
موقف الجماهير ومسار العلاقة بين اللاعب ومدربه
الجماهير الجزائرية عبرت عن استيائها الشديد من تعامل مدرب فولفسبورغ مع نجم “الخضر”، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأت أن استبعاد عمورة جاء بدافع غير منطقي. في المقابل، أكدت جماهير النادي الألماني أن اللاعب يظل أحد أكثر العناصر حماساً وإخلاصاً في الفريق، وأن قرار استبعاده لم يكن مقنعاً.
من جهتها، تحاول إدارة فولفسبورغ احتواء الأزمة سريعاً، خصوصاً أن الفريق بحاجة إلى الاستقرار الداخلي للحفاظ على توازنه بعد سلسلة من النتائج المتذبذبة في الدوري.
عمورة: نضج أكبر وتعهد بالتفوق
مصادر قريبة من اللاعب أكدت أن عمورة تقبل الاعتذار بصدر رحب، وأظهر احترافية كبيرة بعد عودته للتدريبات مباشرة دون أي ردة فعل سلبية. وصرّح لوسائل إعلام محلية بأنه يركز “على إثبات نفسه مجدداً في قادم الجولات”. كما أضاف في حديث مقتضب لقناة النادي:
“أحترم قرارات المدرب، المهم أن أواصل العمل وأبرهن على استحقاقي للعب أساسياً”.
ويرى النقاد أن الطريقة التي تعامل بها عمورة مع الأزمة تُظهر النضج الكبير الذي اكتسبه خلال الموسمين الماضيين في أوروبا، وشجاعته في مواجهة الظروف دون خلق توتر داخل المجموعة.
نحو مصالحة ميدانية في الجولة القادمة
يستعد فولفسبورغ لمواجهة قوية في الجولة القادمة من البوندسليغا، ويتوقع أن يعتمد سيمونيس على عمورة أساسياً، خصوصاً بعد ضغط الجماهير والإعلام، والذي أشار إلى أن “المدرب فقد توازنه التكتيكي بغياب الجزائري”، كما عكست ذلك صحيفة دويتشه فيله.
المدرب الألماني نفسه لمح إلى عودته قائلاً:
“عمورة لاعب لا يمكن الاستغناء عنه طويلاً؛ هو إضافة تكتيكية ومصدر طاقة للفريق”.
أزمة سليمان بول سيمونيس مع محمد الأمين عمورة، رغم حدتها الإعلامية، تحولت إلى فرصة لإبراز احترافية اللاعب والتزامه الكامل. فالمدرب اعترف بخطئه، والجماهير عادت لتقدر قيمة نجمها الجزائري الذي لا يزال واحداً من أبرز الأسماء العربية في أوروبا.
الأنظار تتجه الآن إلى رد فعل عمورة داخل المستطيل الأخضر، وهو يواصل مشواره في الدوري الألماني، باحثاً عن استعادة بريقه وتأمين موقعه الأساسي داخل تشكيلة “الذئاب” — في وقت يؤمن فيه الجميع أن أفضل نسخة من عمورة لم تظهر بعد .